الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (٨) مقطوع (قُلْ أَإِنَّكُمْ) بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها ، وإدخال ألف بينها بوجهيها وبين الأولى (لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) الأحد والاثنين (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) شركاء (ذلِكَ رَبُ) مالك (الْعالَمِينَ) (٩) جمع عالم وهو ما سوى الله ، وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون تغليبا للعقلاء (وَجَعَلَ) مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة
____________________________________
بالمدينة ، فلم يكن هناك أمر بالزكاة حتى يذم مانعها. والجواب : أن المراد بالزكاة ، صرف المال في مراضي الله تعالى.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) إلخ ، ذكر تعالى وعد المؤمنين إثر وعيد المشركين ، جريا على عادته سبحانه وتعالى في كتابه. قوله : (غَيْرُ مَمْنُونٍ) (مقطوع) أي بل هو دائم مستمر بدوام الله ، وهذا أحد تفاسير في هذه الآية ، وقيل غير منقوص ، وقيل غير ممنون به عليهم ، فلا يعدد الله ولا ملائكته عليهم النعم في الجنة ويطلبهم بشكرها ، لانقطاع التكليف بالموت ، وأيضا نفوس أهل الجنة مطهرة ، فلا تزال تشكر الله تعالى ، وإن كان غير مطلوب منهم تلذذا وفرحا بنعم الله تعالى ، ولأن الجنة دار ضيافة مولانا تعالى ، والكريم لا يعدد نعمه على أضيافه.
قوله : (قُلْ أَإِنَّكُمْ) قدم الاستفهام على التأكيد ، لأن له صدر الكلام ، وهو استفهام انكار وتشنيع ، وأن اللام لتأكيد الإنكار ، والمعنى : أنتم تعلمون أنه لا شريك له في العالم العلوي والسفلي ، فكيف تجعلون له شريكا؟ قوله : (وإدخال ألف) إلخ ، المناسب أن يقول وتركه ، لأن القراءات السبعية هنا أربع لا اثنتان كما يوهمه كلامه. قوله : (فِي يَوْمَيْنِ) قال ابن عباس : إن الله خلق يوما فسماه يوم الأحد ، ثم خلق ثانيا فسماه الاثنين ، ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ، ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء ، ثم خلق خامسا فسماه الخميس ، فخلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق مواضع الأنهار والشجر والقرى يوم الأربعاء ، وخلق الطير والوحوش والسباع والهوام والآفات يوم الخميس ، وخلق الإنسان يوم الجمعة ، وفرغ من الخلق يوم السبت ، وهذا هو الصحيح ، وقد مشى عليه المفسر ، وقيل إن مبدأ الخلق السبت.
قوله : (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) عطف على (تكفرون) عطف سبب على مسبب. قوله : (ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ) اسم الإشارة عائد على الموصول ، وأتى بالخطاب مفردا ، اشارة إلى أن المخاطب فرد غير معين. قوله : (وجمع) إلخ جواب عما يقال : إنه اسم جنس يصدق على كل ما سوى الله ، والجمع لا بد أن يكون له أفراد ثلاثة فأكثر. فأجاب : بأنه جمع باعتبار أنواعه. قوله : (بالياء والنون) اشارة لسؤال آخر ، فلو أتى بالواو لكان أوضح. وحاصل هذا السؤال : أن هذا الجمع خاص بالعقلاء ، والعالم غالبه غير عاقل. فأجاب بقوله : (تغليبا) إلخ. قوله : (مستأنف) إلخ ، هذه العبارة في بعض النسخ ، وهي معترضة بأنه لا محذور في الفصل بين المتعاطفين بالجمل المعترضة ، ولا يقال إنه وقع بين أجزاء صلة الموصول ؛ لأنه يقال : الموصول قد استوفى صلته ، ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، فالأولى اسقاط هذه العبارة ، كما هو في بعض النسخ ، وقوله : (للفاصل) أي وهو قوله : (وَتَجْعَلُونَ) إلخ ، فإنه معطوف