الذي للفاصل الأجنبي (فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت (مِنْ فَوْقِها وَبارَكَ فِيها) بكثرة المياه والزروع والضروع (وَقَدَّرَ) قسم (فِيها أَقْواتَها) للناس والبهائم (فِي) تمام (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أي الجعل وما ذكر معه في يوم الثلاثاء والأربعاء (سَواءً) منصوب على المصدر أي استوت الأربعة استواء لا تزيد ولا تنقص (لِلسَّائِلِينَ) (١٠) عن خلق الأرض بما فيها (ثُمَّ اسْتَوى) قصد (إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) بخار مرتفع (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا) إلى مرادي منكما (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) في موضع الحال أي طائعين أو مكرهتين (قالَتا أَتَيْنا) بمن فينا (طائِعِينَ) (١١) فيه تغليب المذكر العاقل ، أو
____________________________________
على (لَتَكْفُرُونَ) فليس من أجزاء الصلة. قوله : (مِنْ فَوْقِها) الحكمة في قوله : (مِنْ فَوْقِها) أنه تعالى لو جعل لها رواسي من تحتها ، لتوهم أنها هي التي أمسكتها عن النزول ، فجعل الله الجبال فوقها ، ليعلم الإنسان أن الأرض وما عليها ممسكة بقدرة الله تعالى.
قوله : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) قال محمد بن كعب : قدر الأقوات قبل أن يخلق الخلق والأبدان ، فخص كل قوت بقطر من الأقطار ، وأضاف القوت إلى الأرض ، لكونه متولدا منها ، وناشئا فيها ، وذلك أنه تعالى جعل كل بلدة معدة لنوع من الأشياء المطلوبة ، حتى أن أهل هذه البلدة ، يحتاجون إلى الأشياء الموجودة في تلك البلدة ، وهكذا ، فصار ذلك سببا لرغبة الناس في التجارة واكتساب الأموال ؛ وجميع ما خلقه الله لا ينقص عن حاجة المحتاجين ، ولو زادت الخلق أضعافا ، وإنما ينقص توصل بعضهم إليه ، فلا يجد له ما يكفيه ، وفي الأرض أضعاف كفايته. قوله : (فِي) (تمام) (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، دفعا لما يتوهم أن الأيام ثمانية : يومان في خلق الأرض ، وأربعة في خلق الأقوات ، ويومان في خلق السماوات ، لينافي في قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) والحكمة في تقديره هذه المدة ، مع أنه تعالى قادر على خلق كل في قدر لمحة تعليم العباد التمهل والتأني في الأمور ، والبعد من العجلة. قوله : (في يوم الثلاثاء) بفتح الثاء وضمها.
قوله : (لِلسَّائِلِينَ) متعلق بسواء ، والمعنى مستوية للسائلين ، أي جواب السائلين فيها سواء ، لا يتغير لسائل بزيادة ولا نقص. قوله : (قصد) (إِلَى السَّماءِ) أي أراد ، والمعنى تعلقت ارادته بخلق السماوات. قوله : (وَهِيَ دُخانٌ) المراد بخار الماء ؛ وذلك أن العرش كان على الماء ، قبل خلق السماوات والأرض ، ثم أحدث الله في ذلك الماء اضطرابا ، فأزبد وارتفع ، فخرج منه دخان فارتقع وعلا ، فخلق منه السماوات ، وأما الزبد فبقي على وجه الماء ، فخلق منه اليبوسة ، وأحدث منه الأرض. قوله : (فَقالَ لَها) إلخ ، اختلف في قول الله للأرض والسماوات وجوابهما له ، فقيل : هو حقيقة وأجابتاه بلسان المقال ولا مانع منه ، لأن القادر لا يعجزه شيء ، فخلق فيهما الحياة والعقل والكلام وتكلمتا ، ويؤيده ما روي أنه نطق من الأرض موضع الكعبة ، ونطق من السماء بحذائها ، فوضع الله فيهما حرمه ، وقيل : إن معنى القول في حق الله تعالى ، ظهور تأثير قدرته ، وكلاهما كناية عن الطاعة والانقياد. قوله : (فيه تغليب المذكر العاقل) أي حيث جمعوا جمعه.