فِي أَعْناقِهِمْ) إذ بمعنى إذا (وَالسَّلاسِلُ) عطف على الأغلال فتكون في الأعناق ، أو مبتدأ خبره محذوف أي في أرجلهم أو خبر (يُسْحَبُونَ) (٧١) أي يجرّون بها (فِي الْحَمِيمِ) أي جهنم (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) (٧٢) يوقدون (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) تبكيتا (أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (٧٣) (مِنْ دُونِ اللهِ) معه وهي الأصنام (قالُوا ضَلُّوا) غابوا (عَنَّا) فلا نراهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أنكروا عبادتهم إياها ثم أحضرت ، قال تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) أي وقودها (كَذلِكَ) أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين (يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) (٧٤) ويقال لهم أيضا (ذلِكُمْ) العذاب (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) من الإشراك وإنكار البعث (وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) (٧٥) تتوسعون في الفرح (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى) مأوى (الْمُتَكَبِّرِينَ) (٧٦) (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ) بعذابهم (حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) فيه إن الشرطية مدغمة ،
____________________________________
الاستقبال مجازا ، والمسوغ الإشارة إلى أن هذا الأمر محقق وواقع. قوله : (عطف على الأغلال) أي وقوله : (فِي أَعْناقِهِمْ) خبر عنهما. قوله : (أو مبتدأ) الخ ، أي وجملة (يُسْحَبُونَ) حال من الضمير المستكن في الظرف ، أو مستأنفة واقعة في جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : فماذا حالهم؟ فقيل (يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ). قوله : (أو خبره) (يُسْحَبُونَ) أي وعليه فالرابط محذوف قدره بقوله : (بها) فتحصل أن المعنى : الأغلال والسلاسل تكون في أعناقهم ، ويسحبون في جهنم على وجوههم ؛ وهذا على الاعرابين الأولين ؛ وعلى الثالث فالمعنى : أن الأغلال في أعناقهم ، والسلاسل في أرجلهم ، ويسحبون في جهنم ، وكل صحيح. قوله : (أي جهنم) وقيل (الْحَمِيمِ) الماء الحار. قوله : (يُسْجَرُونَ) أي يعذبون بأنواع العذاب.
قوله : (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) التعبير بالماضي لتحقق الوقوع. قوله : (أَيْنَ ما كُنْتُمْ) ترسم (أَيْنَ) مفصولة من (ما). قوله : (وهي الأصنام) تفسير لما. قوله : (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) هذا في أول الأمر يتبرؤون من عبادة الأصنام لرجاء أنه ينفعهم ، فهو إضراب عن قوله : (ضَلُّوا عَنَّا) وهذا قبل أن تقرن بهم آلهتهم. قوله : (ثم أحضرت) جواب عما يقال : إن حمل الآية على هذا الوجه ؛ يخالف قوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) فأجاب : بأنهم أولا تضل عنهم آلهتهم ويتبرؤون ؛ ثم تحضر وتقرن بهم. قوله : (ويقال لهم أيضا) أي توبيخا. قوله : (تتوسعون في المعاصي) أي تظهرون السرور في الدنيا ؛ بالمعصية وكثرة المال وضياعه في المحرمات ، فالمرح شدة الفرح ، وهو إن كان ذما في الكفار ؛ يجر بذيله على كل من توسع في معاصي الله ، فله من هذا الوعيد نصيب.
قوله : (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ) عطف على قوله : (ذلِكُمْ) الخ ، داخل في حيز القول المقدر. قوله : (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) لم يقل فبئس مدخل المتكبرين ، لأن الدخول لا يدوم ، وإنما يدوم المثوى ، ولذا خصه بالذم. قوله : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) هذا تسلية من الله لنبيه صلىاللهعليهوسلم ، ووعد حسن بالنصر له على أعدائه. قوله : (بعذابهم) أي وسمي وعدا ، بالنظر لكونه نصرا للنبي ، فهو في الحقيقة وعد ووعيد. قوله : (فيه) خبر مقدم و (إن الشرطية) مبتدأ مؤخر ، وقوله : (مدغمة) حال من (إن) ولم يذكر