رَحْمَةً وَعِلْماً) أي وسع رحمتك كل شيء ، وعلمك كل شيء (فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) من الشرك (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) دين الإسلام (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) (٧) النار (رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ) إقامة (الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ) عطف على هم في وأدخلهم ، أو في وعدتهم (مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٨) في صنعه (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أي عذابها (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة (فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩) (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ) من قبل الملائكة وهم يمقتون أنفسهم عند دخولهم النار (لَمَقْتُ اللهِ) إياكم (أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ) في الدنيا (إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ) (١٠) (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) إماتتين (وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) إحياءتين لأنهم نطفا أموات ، فأحيوا ثم أميتوا ثم أحيوا للبعث (فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا) بكفرنا بالبعث (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ) من النار والرجوع إلى الدنيا لنطيع ربنا
____________________________________
قوله : (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ) الخ ، قدم هذا بين يدي الدعاء ، توطئة له للإشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يدعو الله تعالى ، وهو موقن بالإجابة ، ولا يتردد في الدعاء ، فإنه مانع من الإجابة قوله : (رَحْمَةً وَعِلْماً) قدم الرحمة على العلم ، لأن المقام للدعاء ، والرحمة مقصودة فيه بالذات ، وإلا فالعلم سابق عليها. قوله : (من الشرك) أي إن كان عليهم ذنوب. قوله : (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أي بأن آمنوا. قوله : (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) أي اجعل بينهم وبينه وقاية تمنعهم منه ، بأن توقفهم لصالح الأعمال.
قوله : (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ) الخ ، أي بأن مات على غير الكفر ، فيدخل فيه أهل الفترة والجنون. قوله : (وَأَزْواجِهِمْ) أي زوجاتهم لما ورد : إذا دخل المؤمن الجنة قال : أين أبي؟ أين أمي؟ أين ولدي؟ أي زوجتي؟ فيقال : إنهم لم يعملوا عملك ، فيقول : إني كنت أعمل لي ولهم ، فيقال : أدخولهم ، فإذا اجتمع بأهله في الجنة ، كان أكمل لسروره ولذاته. قوله : (في وأدخلهم) أي وهو أولى ، لأنه يسير الدعاء لهم بالدخول صريحا بخلافه على (وعدتهم) فإنه ضمني. قوله : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) الضمير راجع للآباء والأزواج والذرية. قوله : (يَوْمَئِذٍ) التنوين عوض عن جملة مأخوذة من السياق ، والتقدير : يوم إذ تدخل من تشاء الجنة ، ومن تشاء النار ، وهو يوم القيامة. قوله : (وَذلِكَ) أي ما ذكر من الرحمة ووقاية السيئات.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) شروع في ذكر أحوال الكفار بعد دخولهم النار ؛ إثر بيان أنهم من أصحاب النار. قوله : (وهم يمقتون أنفسهم) أي يبغضونها ويظهرون ذلك على رؤوس الأشهاد فيقول الواحد منهم لنفسه : مقتّك يا نفسي ، فتقول الملائكة لهم وهم في النار : لمقت الله إياكم ، إذ أنتم في الدنيا ، وقد بعث إليكم الرسل فلم تؤمنوا ، أشد من مقتكم أنفسكم اليوم. قوله : (لَمَقْتُ اللهِ) أي بغضه ، والمراد لازمه وهو الانتقام والتعذيب ، لأن حقيقته محالة في حق الله تعالى. قوله : (لأنهم نطفا أموات) كذا في بعض النسخ بنصب نطفا على الحال ، والمناسب أن يقول : لأنهم كانوا أو خلقوا نطفا ، فإن الإمانة إعدام الحياة ، ابتداء أو بعد سبق الحياة.