النَّارِ) (٦) بدل من كلمة (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) مبتدأ (وَمَنْ حَوْلَهُ) عطف عليه (يُسَبِّحُونَ) خبره (بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) ملابسين للحمد ، أي يقولون : سبحان الله وبحمده (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) تعالى ببصائرهم ، أي يصدقون بوحدانيته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) يقولون (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ
____________________________________
إنما هو ببركتك يا محمد. قوله : (بدل من كلمة) أي بدل كل من كل ، إن أريد بلفظ الكلمة خصوص قوله : (أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) أو بدل اشتمال إن فسرت الكلمة بقوله : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) الخ ، ولا شك أن الكلمة بهذا المعنى مشتملة على قوله : (أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ).
قوله : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) مبتدأ ، أي الاسم الموصول مبتدأ ، و (يَحْمِلُونَ) صلته ، وقوله : (وَمَنْ حَوْلَهُ) اسم الموصول معطوف على الموصول قبله ، و (حَوْلَهُ) صلته ، والتقدير والذين حوله ، وليس معطوفا على الضمير في (يَحْمِلُونَ) لإيهامه أن من حوله حامل أيضا. واعلم أن حملة العرش أعلى طبقات الملائكة ، وأولهم وجودا ، وهم في الدنيا أربعة ، وفي يوم القيامة ثمانية ، ورد : أن لكل ملك منهم وجه رجل ، ووجه أسد ، ووجه ثور ، ووجه نسر ، وكل وجه من الأربعة يسأل الله الرزق لذلك الجنس ، ولكل واحد منهم أربعة أجنحة ، جناحان على وجهه مخافة أن ينظر إلى العرش فيتصدع ، وجناحان يصفق بهما بالهواء ، يروى أن أقدامهم في تخوم الأرض السفلى والأرضون والسماوات إلى حجزهم ، ورؤوسهم خرقت العرش ، وهم خشوع لا يرفعون أطرافهم ، وهم أشد خوفا من أهل السابعة ، وأهلها أشد خوفا من أهل السادسة وهكذا ، والعرش جوهرة خضراء ، وهو أعظم من المخلوقات خلقا ، ويكسى كل يوم ألف لون من النور.
قوله : (وَمَنْ حَوْلَهُ) أي وهم الكروبيون سادات الملائكة ، قال وهب : إن حول العرش سبعين ألف صف من الملائكة ، صف خلف صف ، يطوفون بالعرش ، يقبل هؤلاء ويدبر هؤلاء ، يكبر فريق ويهلل فريق ، ومن وراء هؤلاء سبعون ألف صف قيام ، أيديهم إلى أعناقهم ، واضعين لها على عواتقهم ، فإذا سمعوا تكبير أولئك وتهليلهم ، رفعوا أصواتهم فقالوا : سبحانك اللهم وبحمدك ، ما أعظمك وأجلك ، أنت الله لا إله غيرك ، والخلق كلهم إليك راجعون ، ومن وراء هؤلاء مائة صف من الملائكة ، قد وضعوا اليمنى على اليسرى ، ليس منهم أحد إلا يسبح بتسبيح لا يسبحه الآخر ، ما بين جناحي أحدهم ثلاثمائة عام ، وما بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه أربعمائة. قوله : (أي يقولون سبحان الله وبحمده) أي لما ورد : أن حملة العرش ، يكونون يوم القيامة ثمانية ، أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على علمك وحلمك ، وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك. قوله : (ببصائرهم) جواب عما يقال : إن وصفهم بالتسبيح ، يغني عن وصفهم بالإيمان ، فما فائدة ذكره عقبه؟ فأجاب : بأن التسبيح من وظائف اللسان ، والإيمان من وظائف القلب ، فأفاد فائدة لم تكن في الأول ، فذكره للاعتناء بشأنه.
قوله : (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي يطلبون المغفرة لهم. وحكمة طلبهم المغفرة لهم ، أنهم تكلموا في بني آدم حيث قالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ)؟ فلما وقع منهم ذلك ، أمرهم الله بالاستغفار لهم جبرا لما وقع عنهم ، ففيه تنبيه على أن من تكلم في غيره ، ينبغي له أن يستغفر ربه. قوله : (ويقولون) أي في كيفية الاستغفار لهم ، وهذه الجملة المقدرة ، حال من ضمير (يَسْتَغْفِرُونَ).