ثَلاثٍ) هي ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (٦) عن عبادته إلى عبادة غيره (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) وإن أراده من بعضهم (وَإِنْ تَشْكُرُوا) الله فتؤمنوا (يَرْضَهُ لَكُمْ) بسكون الهاء وضمها مع إشباع ودونه أي الشكر (لَكُمْ وَلا تَزِرُ) نفس (وازِرَةٌ وِزْرَ) نفس (أُخْرى) أي لا تحمله (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٧) بما في القلوب (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) أي الكافر (ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ) تضرع (مُنِيباً) راجعا (إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً) أعطاه
____________________________________
بأجنبي. قوله : (وظلمة المشيمة) أي فهي داخل الرحم ، وهو داخل البطن ، و (المشيمة) بوزن كريمة ، وأصلها مشيمة بسكون الشين وكسر الياء ، نقلت كسرة الياء إلى الساكن قبلها ، وهي غشاء ولد الإنسان ، ويقال لها الغلاف والكيس ، ويقال لها من غير ولد الإنسان السلا.
قوله : (ذلِكُمُ) مبتدأ ، و (اللهُ رَبُّكُمْ) خبران له وجملة (لَهُ الْمُلْكُ) خبر ثالث. قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) جملة مستأنفة نتيجة ما قبله ، أي فحيث ثبت أنه ربنا وله الملك ، نتج منه لا إله إلا هو. قوله : (فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) أي تمنعون. قوله : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) أي له الغنى المطلق ، فلا يفتقر إلى ما سواه. قوله : (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) أي لا يفعل فعل الراضي ، بأن يثيب فاعله ويمدحه ، بل يفعل فعل الساخط ، بأن ينهى عنه ، ويعاقب فاعله ويذمه عليه. قوله : (وإن أراده من بعضهم) أشار بهذا إلى أنه لا تلازم بين الرضا والإرادة ، بل قد يرضى ولا يريد ، وقد يريد ولا يرضى ، وإنما التلازم بين الأمر والرضا ، خلافا للمعتزلة القائلين بالتلازم بين الرضا والإرادة ، وبنوا على ذلك أمورا فاسدة ، ومن هنا قال العلماء : إن الأمور أربعة : تارة يأمر ويريد وهو الإيمان من المؤمنين ، وتارة لا يأمر ولا يريد وهو الكفر منهم ، وتارة يأمر ولا يريد وهو الإيمان من الكفار ، وتارة يريد ولا يأمر وهو الكفر من الكفار. وحكي أن رجلا من المعتزلة ، تناظر مع رجل من أهل السنة ، فقال المعتزلي : سبحان من تنزه عن الفحشاء ، فقال السني : سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء ، فقال المعتزلي : أيريد ربك أن يعصى؟ فقال السني : أيعصى ربنا قهرا؟ فقال المعتزلي : أرأيت إن منعني الهدى ، وحكم عليّ بالردى ، أحسن إلي أم أساء؟ فقال : إن منعك ما هو لك فقد أساء ، وإن منعك ما هو له ، فالمالك يفعل في ملكه كيف يشاء ، فبهت المعتزلي. قوله : (يَرْضَهُ لَكُمْ) أي لأنه سبب لفوزكم بسعادة الدارين ، لا لانتفاعه به ، تعالى الله عن ذلك. قوله : (بسكون الهاء) إلخ ، أي فالقراءات ثلاث سبعيات.
قوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا يحمل شخص إثم كفر شخص آخر ، وما ورد من أن الدال على الشر كفاعله ، فمعناه أن عليه إثم فعله وإثم دلالته ، ولا شك أن دلالته من فعله ، فآل الأمر إلى عقابه على فعله ، لا على فعل غيره ، وقوله : (وازِرَةٌ) أي وأما غير الوازرة فتحمل وزر غيرها ، بمعنى أن من كان ناجيا ، وأذن له في الشفاعة يشفع في غيره ، فينتفع المشفوع له بتلك الشفاعة إن كان مسلما ، وأما الكافر فلا ينتفع بشفاعة مسلم ولا كافر. قوله : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) علة لقوله : (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي يخبركم بأعمالكم ، لأنه عليم بما في القلوب ، فضلا عن غيرها. قوله : (أي الكافر) أشار بهذا إلى أن أل في الإنسان للعهد. قوله : (ضُرٌّ) المراد به جميع المكاره ، كانت في نفسه أو ماله أو أهله. قوله : (مُنِيباً إِلَيْهِ) أي تاركا عبادة الأصنام ، لعلمه بأنها لا تقدر على كشف ما نزل به. قوله :