لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) أي زيادة خير في الدنيا (وَحُسْنَ مَآبٍ) (٢٥) مرجع في الآخرة (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) تدبر أمر الناس (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) أي هوى
____________________________________
سبحان خالق النور ، إلهي أنا لا أطيق حر شمسك فكيف أطيق حر نارك ، سبحان خالق النور ، إلهي أنا لا أطيق صوت رعدك فكيف أطيق صوت جهنم ، سبحان خالق النور ، إلهي الويل لداود من الذنب العظيم الذي أصابه ، سبحان خالق النور ، إلهي كيف يستتر الخاطئون بخطاياهم دونك وأنت تشاهدهم حيث كانوا ، سبحان خالق النور ، إلهي قد تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي ، سبحان خالق النور ، إلهي اغفر لي ذنوبي ولا تباعدني من رحمتك لهواني ، سبحان خالق النور ، إلهي أعوذ بك بوجهك الكريم من ذنوبي التي أو بقتني ، سبحان خالق النور ، إلهي ففررت إليك بذنوبي واعترفت بخطيئتي فلا تجعلني من القانطين ولا تحزني يوم الدين ، سبحان خالق النور. قيل : مكث داود أربعين يوما ، لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينيه حتى غطى رأسه ، فنودي يا داود أجائع أنت فتطعم؟ أظمآن أنت فتسقى؟ أمظلوم أنت فتنصر؟ فأجيب في غير ما طلب ، ولم يجبه في ذكر خطيئته بشيء ، فحزن حتى هاج ما حوله من العشب فاحترق من حرارة جوفه ، ثم أنزل الله تعالى له التوبة والمغفرة ب قوله : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) وقد ورد أنه لما قبل الله توبته ، بكى على خطيئته ثلاثين سنة ، لا يرقأ دمعه ليلا ولا نهارا ، وكان سنه إذ ذاك سبعين سنة ، فقسم الدهر على أربعة : يوم للقضاء ، ويوم لنسائه ، ويوم يسيح في الجبال والفيافي والسياحة ، ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب ، فيجتمع إليه الرهبان ، ينوح معهم على نفسه ، فإذا كان يوم سياحته ، خرج إلى الفيافي ويرفع صوته بالبكاء ، فتبكي معه الأشجار والرمال والطيور والوحوش ، حتى يسيل من دموعهم مثل الأنهار ، ثم يجيء إلى الساحل فيرفع صوته بالبكاء ، فتبكي معه دواب البحر وطير الماء ، فإذا كان يوم من نوحه على نفسه نادى مناديه : إن اليوم يوم نوح داود على نفسه ، فليحضره من يساعد ويدخل الدار التي فيها المحاريب ، فيبسط فيها ثلاثة فرش من مسوح حشوها ليف فيجلس عليها ، ويجيء أربعة آلاف راهب فيجلسون في تلك المحاريب ، ثم يرفع داود عليهالسلام صوته بالبكاء والرهبان معه فلا يزال يبكي حتى يغرق الفرش من دموعه ، ويقع داود فيها مثل الفرخ يضطرب ، فيجيء ابنه سليمان فيحمله ، وقد ورد أيضا أنه لما تاب الله على داود قال : يا رب غفرت لي فكيف لي أن أنسى خطيئتي فاستغفر منها وللخاطئين إلى يوم القيامة ، فوسم الله خطيئته في يده اليمنى ، فما رفع فيها طعاما ولا شرابا إلا بكى إذا رآها ، وما قام خطيبا في الناس إلا وبسط راحته فاستقبل بها الناس ليروا وسم خطيئته ، وكان يبدأ إذا دعا واستغفر للخاطئين قبل نفسه ، وكان قبل الخطيئة يقوم نصف الليل ، ويصوم نصف الدهر ، فلما كان من خطيئته ما كان ، صام الدهر كله وقام الليل كله ، وكان إذا ذكر عقاب الله تعالى انخلعت أوصاله ، وإذا ذكر رحمة الله تراجعت ا. ه ملخصا.
قوله : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) يحتمل أنه كلام مستأنف ، بيان للزلفى في قوله : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) يحتمل أن مقول القول محذوف معطوف على قوله : (فَغَفَرْنا لَهُ) كأنه قيل : فغفرنا له وقلنا يا داود إلخ ، وفي هذه الآية دليل على أن خلافته التي كانت قبل الفتنة ، باقية مستمرة بعد التوبة. قوله : (تدبر أمر الناس) أي لكونك ملكا وسلطانا عليهم ، فقد جمع لداود بين النبوة والسلطنة ، وكان فيمن قبله النبوة مع شخص والسلطنة مع آخر ، فيحكم للسلطان بما يأمره به النبي. قوله :