(وَهَلْ) معنى الاستفهام هنا التعجب والتشويق إلى استماع ما بعده (أَتاكَ) يا محمد (نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (٢١) محراب داود أي مسجده حيث منعوا الدخول عليه من الباب لشغله بالعبادة ، أي خبرهم وقصتهم (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ) نحن (خَصْمانِ) قيل فريقان ليطابق ما قبله من ضمير الجمع ، وقيل اثنان والضمير بمعناها ، والخصم على الواحد وأكثر ، وهما ملكان جاءا في صورة وقع لهما ما ذكر على سبيل الفرض ، لتنبيه داود عليهالسلام على ما وقع منه ، وكان له تسع وتسعون امرأة ، وطلب امرأة شخص ليس له غيرها وتزوجها ودخل بها (بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ) تجر (وَاهْدِنا) أرشدنا (إِلى سَواءِ
____________________________________
الإظهار المنبه للمخاطب من غير التباس ، وهو أحد أقوال في تفسير فصل المخاطب ، وقيل الفصل في الفضاء ، وقيل : هو البينة على المدعي واليمين على من أنكر ، وقيل : هو أما بعد ، وقيل : غير ذلك. قوله : (التعجيب) أي حمل المخاطب على التعجب ، أو إيقاعه في العجب. قوله : (إلى استماع ما بعده) أي لكونه أمرا غريبا ، كقولك لجليسك : هل تعلم ما وقع اليوم؟ تريد أن يستمع لكلامك ، ثم تذكر له ما وقع.
قوله : (إِذْ تَسَوَّرُوا) ظرف لمضاف محذوف تقديره نبأ تخاصم الخصم ، ولا يصح إن يكون ظرفا لأتاك ، لأن إتيان النبأ كائن في عهد رسول الله ، لا في عهد داود ، ولا لنبأ ، لأن النبأ واقع في عهد داود ، فلا يصح إتيانه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قوله : (أي مسجده) أي الذي كان يدخله للاشتغال بالعبادة والطاعة. قوله : (حيث منعوا الدخول عليه من الباب) أي لكونهم أتوه في اليوم الذي كان يشتغل فيه بالعبادة ، فمنعهم الحرس الدخول عليه من الباب. قوله : (فَفَزِعَ مِنْهُمْ) أي لأنهم نزلوا من أعلى ، على خلاف العادة والحرس حوله.
قوله : (قالُوا لا تَخَفْ) جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : ما ذا قالوا لما شاهدوا فزعه؟ فقال : قالوا : لا تخف. قوله : (قيل : فريقان) هذا مبني على أن الداخل فيه كان أزيد من اثنين ، فكان المتخاصمين والشاهدين والمزكيين. قوله : (وقيل : اثنان) أي شخصان ، وهو مبني على أن الداخل المتداعيان فقط. قوله : (والخصم يطلق) إلخ ، أي لأنه في الأصل مصدر. قوله : (وهما ملكان) قيل هما جبريل وميكائيل. قوله : (على سبيل العرض) بالعين المهملة أي التعريض ، وهو جواب عما يقال : إن الملائكة معصومون ، فكيف يتصور منهم البغي أو الكذب؟ فأجاب : بأن هذا على سبيل التعريض للمخاطب ، فلا بغي فيه ولا كذب. قوله : (لتنبيه داود) أي ايقاظه على ما صدر منه. قوله : (وكان له تسع) إلخ ، بيان لما وقع منه. قوله : (وطلب امرأة شخص) هو وزيره أوريا بن حان لسر عظيم ، وهو كما قيل : إنها أم سليمان عليهالسلام. قوله : (وتزوجها ودخل بها) مشى المفسر على أن داود سأل أوريا طلاق زوجته ، ثم بعد وفاء عدتها ، تزوجها داود ودخل بها ، وهو أحد أقوال ثلاثة ، والثاني : أن داود لما تعلق بها قلبه ، أمر أوريا ليذهب للجهاد ليقتل فيتزوجها ففعل ، فلما قتل في الجهاد تزوجها داود ، والثالث أن أوريا لم يكن متزوجا بها ، وإنما خطبها فقط ، فخطبها داود على خطبته وتزوجها ، وكان ذلك كله جائزا في شرعه ، وإنما عاتبه الله لرفعة قدره ، وللسيد أن يعاقب عبده على ما يقع منه ، وإن كان جائزا ، من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين. قوله : (وَلا تُشْطِطْ) العام على ضم التاء من أشطط إذا تجاوز الحد ،