السماوات يعبد الله فيه لا يتجاوزه (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (١٦٥) أقدامنا في الصلاة (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (١٦٦) المنزهون الله عما لا يليق به (وَإِنْ) مخففة من الثقيلة (كانُوا) أي كفار مكة (لَيَقُولُونَ) (١٦٧) (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً) كتابا (مِنَ الْأَوَّلِينَ) (١٦٨) أي من كتب الأمم الماضية (لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) (١٦٩) العبادة له ، قال تعالى (فَكَفَرُوا بِهِ) أي الكتاب الذي جاءهم وهو القرآن الأشرف من تلك الكتب (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١٧٠) عاقبة كفرهم (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) بالنصر (لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (١٧١) وهي لأغلبن أنا ورسلي ؛ أو هي قوله (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢) (وَإِنَّ جُنْدَنا) أي المؤمنين (لَهُمُ الْغالِبُونَ) (١٧٣) الكفار بالحجة والنصرة عليهم في الدنيا ، وإن لم ينتصر بعض منهم في الدنيا ففي الآخرة (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي أعرض عن
____________________________________
عباس : ما في السماوات موضع شبر ، إلا وعليه ملك يصلي ويسبح ، وقيل : إن هذه الثلاث آيات ، نزلت ورسول الله صلىاللهعليهوسلم عند سدرة المنتهى ، فتأخر جبريل ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أهنا تفارقني؟ فقال جبريل : ما أستطيع أن أتقدم عن مكاني هذا ، وأنزل الله تعالى حكاية عن الملائكة (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) الآيات ، وفي الحديث : «ما في السماوات موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم». قوله : (أحد) قدره إشارة إلى أن في الآية حذف الموصوف وابقاء صفته وهو مبتدأ ، والخبر جملة قوله : (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) والتقدير : ما أحد منا إلا له مقام معلوم. قوله : (أقدامنا في الصلاة) أشار بذلك إلى أن المفعول محذوف. قوله : (مخففة من الثقيلة) أي واللام فارقة ، والمعنى : أن قريشا كانت تقول قبل بعثة النبي صلىاللهعليهوسلم : لو أن لنا كتابا مثل كتاب الأولين ، لأخلصنا العبادة لله تعالى ، وهذا نظير قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ). قوله : (فَكَفَرُوا بِهِ) الفاء للفصيحة مرتب على ما قبله. قوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) أي في الدنيا والآخرة ، والتعبير بسوف تهديد لهم ، كقولك لمن تريد ضربه مثلا : سوف ترى ما توعد به وأنت شارع فيه ، (فَسَوْفَ) للوعيد لا للتعبير.
قوله : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا) إلخ ، هذا تسلية له صلىاللهعليهوسلم ، وإنما صدرت هذه الجملة بالقسم ، لتأكيد الاعتناء بتحقيق مضمونها. قوله : (كَلِمَتُنا) (بالنصر) إنما سمى الوعد بالنصر كلمة ، مع أنه كلمات ، لكون معنى الكل واحدا. قوله : (وهي لأغلبن أنا ورسلي) أي فيكون قوله : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) جملة مستأنفة ، وقوله : (أو هي قوله) (إِنَّهُمْ) إلخ ، أي وعليه فيكون بدلا من (كَلِمَتُنا) أو تفسيرا لها. قوله : (وَإِنَّ جُنْدَنا) الجند في الأصل الأنصار والأعوان ، والمراد منه أنصار دين الله ، وهم المؤمنون ، كما قال المفسر. قوله : (وإن لم ينتصر بعض منهم) إلخ ، دفع بهذا ما يقال : قد شوهدت غلبة الكفار على المؤمنين في بعض الأزمان ، فأجاب : بأن النصر إما في الآخرة للجميع ، أو في الدنيا للبعض ، فالمؤمنون منصورون على كل حال. أجيب أيضا : بأن الأنبياء المأذون لهم في القتال ، لا بد لهم من النصر في الدنيا ، ولا تقع لهم هزيمة أبدا ، وإنما إن وقع للكفار بعض غلبة ، كما في أحد ، فهو لحكم عظيمة ، ولا تبيت على المؤمنين ، بل ينصرون عليهم بصريح قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) الآية ، وأما غيرهم ، فتارة ينصرون في الدنيا ، وتارة لا ، وإنما ينصرون في الآخرة. قوله : (تؤمر فيه