مكة (لَواحِدٌ) (٤) (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) (٥) أي والمغارب للشمس ، لها كل يوم مشرق ومغرب (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) (٦) أي بضوئها أو بها ، والإضافة للبيان كقراءة تنوين زينة المبينة بالكواكب (وَحِفْظاً) منصوب بفعل مقدر ، أي حفظناها بالشهب (مِنْ كُلِ) متعلق بالمقدر (شَيْطانٍ مارِدٍ) (٧) عات خارج عن الطاعة (لا يَسَّمَّعُونَ) أي الشياطين مستأنف ، وسماعهم هو في المعنى المحفوظ عنه (إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) الملائكة في السماء ،
____________________________________
والمراد بالذكر : القرآن وغيره من تسبيح وتحميد ، والمراد بهم هنا ، كل ذاكر من ملائكة وغيرهم.
قوله : (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ) إن قلت : ما حكمة ذكر القسم هنا ، لأنه إن كان المقصود المؤمنين فلا حاجة له ، لأنهم مصدقون ولو من غير قسم ، وإن كان المقصود الكفار ، فلا حاجة له أيضا ، لأنهم غير مصدقين على كل حال؟ أجيب : بأن المقصود منه ، تأكيد الأدلة التي تقدم تفصيلها في سورة يس ، ليزداد الذين آمنوا إيمانا ، ويزداد الكافر طردا وبعدا.
قوله : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) إما بدل من واحد ، أو خبر ثان ، أو خبر لمحذوف. قوله : (أي والمغارب) أشار بذلك إلى أن في الآية اكتفاء على حد : سرابيل تقيكم الحر ، وإنما اقتصر على المشارق ، لأن نفعه أعم من الغروب ، إن قلت : إنه تعالى جمع المشارق هنا ، وحذف مقابله ، وجمعهما في سأل ، وثناهما في الرحمن ، وأفرهما في المزمل ، فما وجه الجمع بين هذه الآيات؟ أجيب : بأن الجمع باعتبار مشرق كل يوم ومغربه ، لأن الشمس لها في السنة ثلاثمائة وستون مشرقا ، وثلاثمائة وستون مغربا ، فتشرق كل يوم من مشرق منها ، وتغرب كل يوم في مقابله من تلك المغارب ، والتثنية باعتبار مشرق الصيف ومشرق الشتاء ومغربهما ، والإفراد باعتبار مشرق كل سنة ومغربها ، وخص الجمع بهذه السور ، لمناسبة جموع أولها.
قوله : (السَّماءَ الدُّنْيا) أي القربى من الأرض. قوله : (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) اختلف العلماء ، هل الكواكب في سماء الدنيا ، أو ثوابت في العرش وضوؤها يصل لسماء الدنيا ، لأن السماوات شفافة لا تحجب ما وراءها؟ قوله : (بضوئها) أي نورها ، ولو لاه لكانت السماء شديدة الظلمة عند غروب الشمس ، وقوله : (أو بها) أي أن ذات الكواكب زينة لسماء الدنيا ، فإن الإنسان إذا نظر إلى الليلة المظلمة إلى السماء ، ورأى هذه الكواكب مشرقة على سطح أزرق ، وجدها في غاية الزينة. قوله : (المبينة بالكواكب) أي فعلى قراءة التنوين مع جر الكواكب ، تكون الكواكب عطفا عليها ، وبقي قراءة ثالثة سبعية وهي تنوين ، ونصب الكواكب على أنه مفعول لمحذوف تقديره أعني الكواكب. قوله : (بفعل مقدر) أي معطوف على (زَيَّنَّا).
قوله : (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) وكانوا لا يحجبون عن السماوات ، وكانوا يدخلونها ويأتون بأخبارها ، فيلقونها على الكهنة ، فلما ولد عيسى عليه الصلاة والسّلام ، منعوا من ثلاث سماوات ، فلما ولد محمد عليه الصلاة والسّلام ، منعوا من السموات كلها ، فما منهم أحد يريد استراق السمع ، إلا رمي بشهاب ، وهو الشعلة من النار ، فلا يخطئه أبدا ، فمنهم من يقتله ، ومنهم من يحرق وجهه ، ومنهم من يخبله فيصير غولا يضل الناس في البراري. قوله : (مستأنف) أي لبيان حالهم بعد حفظ السماء منهم وما