ثان ل «إن» ، والأول في شغل (هُمْ) مبتدأ (وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ) جمع ظلة أو ظل خبر ، أي لا تصيبهم الشمس (عَلَى الْأَرائِكِ) جمع أريكة وهو السرير في الحجلة أو الفرش فيها (مُتَّكِؤُنَ) (٥٦) خبر ثان متعلق على (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ) فيها (ما يَدَّعُونَ) (٥٧) يتمنون (سَلامٌ) مبتدأ (قَوْلاً) أي بالقول خبره (مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٨) بهم أي يقول لهم سلام عليكم (وَ) يقول (امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) (٥٩) أي انفردوا عن المؤمنين عند اختلاطهم بهم (أَلَمْ
____________________________________
قوله : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ) هذا بيان لكيفية شغلهم وتفكههم. قوله : (جمع ظلة) أي كقباب جمع قبة ، وزنا ومعنى. قوله : (أو ظل) أي كشعاب جمع شعب. قوله : (أي لا تصيبهم الشمس) أي لعدم وجودها .. قوله : (في الحجلة) بفتحتين أو بسكون الجيم مع ضم الحاء أو كسرها ، وهي قبة تعلق على السرير وتزين به العروس. قوله : (أو الفرش فيها) أي في الحجلة ، فالأريكة فيها قولان : قيل هي السرير الكائن في الحجلة ، أو الفرش الكائن فيها. قوله : (متعلق على) أي قوله : (عَلَى الْأَرائِكِ) فتحصل أن (هُمْ) مبتدأ ، و (أَزْواجُهُمْ) عطف عليه ، و (فِي ظِلالٍ) خبر أول ، و (مُتَّكِؤُنَ) خبر ثان ، و (عَلَى الْأَرائِكِ) متعلق بمتكئون ، قدم عليه رعاية للفاصلة.
قوله : (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) أي من كل نوع من أنواع الفواكه ، لا مقطوع ولا ممنوع ، قال تعالى : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ). قوله : (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) أصله يدتعيون بوزن يفتعلون ، استثقلت الضمة على الياء ، فنقلت إلى ما قبلها ، فالتقى ساكنان ، حذفت الياء لالتقائهما ، ثم أبدلت التاء دالا وأدغمت في الدال ، والمعنى : يعطى أهل الجنة ، جميع ما يتمنونه ويشتهونه حالا من غير بطء.
قوله : (سَلامٌ) (مبتدأ) إلخ ، هذا أحسن الأعاريب ؛ وقيل : إنه بدل من قوله : (ما يَدَّعُونَ) ، أو صفة لما ، أو خبر لمبتدأ محذوف. قوله : (أي بالقول) أشار بذلك إلى أن (قَوْلاً) منصوب بنزع الخافض ، ويصح أن يكون مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة ، وهو مع عامله معترض بين المبتدأ والخبر. قوله : (أي يقول لهم سلام عليكم) أشار بذلك إلى أن الجملة معمولة لمحذوف ، والمعنى أن الله يتجلى لأهل الجنة ويقرئهم السّلام لما في الحديث : «بينما أهل الجنة في نعيم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب عزوجل قد أشرف عليهم من فوقهم ، السّلام عليكم يا أهل الجنة ، فلذلك قوله تعالى : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم ؛ فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم». قوله : (وَ) (يقول) (امْتازُوا) إلخ ، أشار بذلك إلى أن هذه الجملة معمولة لمحذوف أيضا. قوله : (عند اختلاطهم بهم) أي حين يسار بهم إلى الجنة ؛ لما ورد في الحديث ما معناه : «إذا كان يوم القيامة ، ينادي مناد : كل أمة تتبع معبودها ؛ فتبقى هذه الأمة وفيها منافقوها يقولون : لا نذهب حتى ننظر معبودنا ؛ فيظهر لهم عن يمين العرش ملك ؛ لو وضعت البحار السبع وجميع الخلائق ومثلهم معهم في نقرة إبهامه لوسعهم ؛ فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك لست ربنا ، ثم يأتي عن يسار العرش فيقول مثل ذلك ؛ فيقولون : نعوذ بالله منك لست ربنا ، ثم يتجلى الله تعالى لهم فيخرون سجدا ، فيريد المنافقون أن يسجدوا ؛ فيصير ظهرهم طبقا ، فلا يستطيعون السجود ، فعند ذلك يقال : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ)».