من العراق (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (٧١) بكثرة الأنهار والأشجار وهي الشام نزل إبراهيم بفلسطين ولوط بالمؤتفكة وبينهما يوم (وَوَهَبْنا لَهُ) أي لإبراهيم وكان سأل ولدا كما ذكر في الصافّات (إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) أي زيادة على المسؤول أو هو ولد الولد (وَكُلًّا) أي هو وولداه (جَعَلْنا صالِحِينَ) (٧٢) أنبياء (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء يقتدى بهم في الخير (يَهْدُونَ) الناس (بِأَمْرِنا) إلى ديننا (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) أي أن تفعل وتقام وتؤتى منهم ومن أتباعهم وحذف هاء إقامة تخفيف (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٧٣) (وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً) فصلا بين الخصوم (وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي
____________________________________
أن المراد بالأخسرين الهالكون ، لأن الله سلط عليهم البعوض ، فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ، ودخلت في رأس النمروذ بعوضة فأهلكته. قوله : (ابن أخيه هاران) أي الأصغر ، وكان له أخ ثالث اسمه ناخور ، والثلاثة أولاد آزر ، وأما هاران الأكبر فهو عم إبراهيم أبو سارة زوجته وقد آمنت به. قوله : (من العراق) أي وصحب معه لوطا وسارة ، ونزل بحران فمكث بها ، ثم خرج منها حتى قدم مصر ، ثم خرج ورجع إلى الشام ، فنزل بالسبع من أرض فلسطين ، وترك لوطا بالمؤتفكة ، فبعثه الله نبيا إلى أهلها وما قرب منها. قوله : (بكثرة الأنهار والأشجار) أشار بذلك إلى أن المراد بالبركة الدنيوية ، وعليه يحمل ما ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب : ألا تتحول إلى المدينة فيها مهاجر رسول الله وقبره؟ فقال كعب : إني وجدت في كتاب الله المنزل يا أمير المؤمنين ، إن الشام كنز الله من أرضه ، وبها كنزه من عباده ، وإلا فالمدينة ومكة أفضل من الشام باتفاق. قوله : (بفلسطين) بفتح الفاء وكسرها مع فتح اللام لا غير ، قرى بيت المقدس. قوله : (ولوط بالمؤتفكة) هي قرى قوم لوط ، رفعها جبريل وأسقطها مقلوبة بأمر من الله. قوله : (كما ذكر في الصافات) أي في قوله : (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ). قوله : (نافِلَةً) حال من يعقوب ، أي أعطى يعقوب لإبراهيم زيادة على مطلوبه. قوله : (وولداه) أي إسحاق ويعقوب. قوله : (وإبدال الثانية ياء) هو وجه من جملة خمسة أوجه ، تقدمت في سورة براءة. قوله : (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) أي يدعون الناس بوحينا. قوله : (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) عطف خاص على عام ، لأن الصلاة أفضل العبادات البدنية ، والزكاة أفضل العبادات المالية. قوله : (وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) تقديم الجار والمجرور يفيد الحصر ، أي كانوا لنا لا لغيرنا.
قوله : (وَلُوطاً) منصوب بفعل مقدر يفسره قوله آتينا. قوله : (فصلا بين الخصوم) أي على وجه الحق. قوله : (وَعِلْماً) أي بالشرائع والأحكام. قوله : (أي أهلها) أشار بذلك إلى أن الكلام على حذف مضاف ، أو فيه مجاز عقلي. قوله : (الأعمال) قدره إشارة إلى أن الخبائث صفة لموصوف محذوف. قوله : (والرمي بالبندق) أي رمي المارة بالبرام ، وأما بندق الرصاص فلم يحدث إلا في هذه الأمة. قوله : (وغير ذلك) أي كالضراط في المجالس. قوله : (بأن أنجيناه من قومه) المناسب أن يقول : وأدخلناه في أهل رحمتنا أي جنتنا ، وإلا فيلزم عليه التكرار. قوله : (وَ) (اذكر) قدره إشارة إلى أن (نُوحاً) منصوب بفعل محذوف ، وبعث نوح وهو ابن أربعين سنة ، ومكث في قومه ألف سنة إلا خمسين ، وعاش بعد الطوفان