(مُشْفِقُونَ) (٢٨) أي خائفون (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ) أي الله أي غيره وهو إبليس دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعتها (فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ) كما نجزيه (نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢٩) أي المشركين (أَوَلَمْ) بواو وتركها (يَرَ) يعلم (الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً) أي سدا بمعنى مسدودة (فَفَتَقْناهُما) أي جعلنا السماء سبعا والأرض سبعا أو فتق السماء أن كانت لا تمطر فأمطرت وفتق الأرض أن كانت لا تنبت فأنبتت (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ) النازل من السماء والنابع من الأرض (كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) نبات وغيره أي فالماء سبب لحياته (أَفَلا يُؤْمِنُونَ) (٣٠) بتوحيدي (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) جبالا ثوابت ل (أَنْ) لا (تَمِيدَ) تتحرك (بِهِمْ وَجَعَلْنا فِيها) أي
____________________________________
ارْتَضى) أي إن كان مؤمنا فلا يقدمون على الشفاعة ، إلا لمن علموا أن الله راض عنه ويقبل شفاعتهم فيه. قوله : (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) أي وجلون لا يأمنون مكره ، والإشفاق الخوف مع الإجلال ، ويرادفه الخشية.
قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ) أي من الملائكة المحدث عنهم أولا بقوله : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) وهذا على سبيل الفرض والتقدير ، لأنهم معصومون من الكفر والمعاصي ، ويحتمل أن القول قد وقع من بعضهم (وهو إبليس) كما قال المفسر ، وكونه من الملائكة ، باعتبار أنه كان بينهم وملحقا بهم في العبادة حتى قيل : إنه كان أعبدهم. قوله : (دعا إلى عبادة نفسه) أي لأجل الاضلال والإغواء ، ولا مانع من ذلك ، كما يقع لبعض الزنادقة من تشكلاته لهم في الصور النيرة ، كالقمر والشمس وغير ذلك ، ودعواه أنه رب العالمين ، وكما وقع لبرصيصا العابد ، حيث أتى له وهو مصلوب وقال له : اسجد لي وأنا أخلصك ، وإن كان في الواقع معترفا بالعبودية لله وتعالى وآيسا من رحمته. إذا علمت ذلك ، فكلام المفسر لا غبار عليه. قوله : (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) أي إياها.
قوله : (أَوَلَمْ يَرَ) الهمزة داخله على محذوف ، والواو عاطفة عليه ، والتقدير ألم يتفكروا ولم يعلموا. قوله : (بواو ودونها) قراءتان سبعيتان. قوله : (يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا) الخ ، شروع في ذكر ستة أدلة على التوحيد ، وأن ما سوى الله مقهور ، وهو القاهر فوق عباده. قوله : (كانَتا رَتْقاً) أي شيئا واحدا ، لما روي أن الله خلق السماوات والأرض بعضها على بعض ، ثم خلق ريحا توسطها ففتقها بها ، وقيل خلق السماوات قطعة واحدة مرتفعة ، والأرض قطعة واحدة منخفضة ، فجعل السماوات سبعا ، والأرض سبعا ، لكن السماوات طباق ، والأرض مختلف فيها ، قيل مجاوزة لبعضها ، كناية عن الأقاليم السبعة ، وتقدم الجواب عن جمع السماوات وإفراد الأرض ، بأن جنس السماوات مختلف بخلاف الأرض. قوله : (أن كانت لا تمطر) بفتح الهمزة مصدرية ، أي كونها لا تمطر فأمطرت.
قوله : (مِنَ الْماءِ) الجار والمجرور متعلق بمحذوف مفعول ثان مقدم ، و (كُلَّ شَيْءٍ) مفعول أول مؤخر ، والمعنى ناشئا ومتسببا عنه. قوله : (نبات وغيره) أي فالحياة في كل شيء بحسبه ، فحياة الحيوان قيام الروح به ، وحياة النبات بروزه من الأرض وخضرته وإثماره. قوله : (رَواسِيَ) جمع راسية من رسا