وعدم الاتفاق عليه (فَسُبْحانَ) تنزيه (اللهِ رَبِ) خالق (الْعَرْشِ) الكرسي (عَمَّا يَصِفُونَ) (٢٢) أي الكفار الله به من الشريك له وغيره (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣) عن أفعالهم (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) تعالى أي سواه (آلِهَةً) فيه استفهام توبيخ (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) على ذلك ولا سبيل إليه (ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) أي أمتي وهو القرآن (وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) من الأمم وهو التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله ليس في واحد منها أن مع الله إلها مما قالوا تعالى عن ذلك (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَ) أي توحيد الله (فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢٤) عن النظر الموصل إليه (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي) وفي قراءة بالنون وكسر الحاء (إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (٢٥) أي وحدوني (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) من الملائكة (سُبْحانَهُ بَلْ) هم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ) (٢٦) عنده والعبودية تنافي الولادة (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) لا يأتون بقولهم إلا بعد قوله (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٢٧) أي بعده (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي ما عملوا وما هم عاملون (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) تعالى أن يشفع له (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ) تعالى
____________________________________
قوله : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) أي لا يسأل عما يحكم في عباده ، من إعزاز وإذلال ، وهدى وإضلال ، وإسعاد وإشقاء ، لأن الرب الخالق المالك لجميع الأشياء. إذا علمت ذلك ، فالاعتراض على أفعال الله ، إما كفر أو قريب منه. قوله : (وَهُمْ يُسْئَلُونَ) يقال للخلق : لم فعلتم كذا؟ لأنهم عبيد يجب عليهم امتثال أمر مولاهم ، وتبين بهذا ، أن من يسأل عن أعماله كعيسى والملائكة ، لا يصلح للألوهية. قوله : (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) إضراب انتقالي ، من بطلان التعدد ، إلى إظهار بطلان اتخاذهم تلك الآلهة من غير دليل على ألوهيتها. قوله : (فيه استفهام توبيخ) أي من حيث إن (أَمِ) بمعنى الهمزة ، وسكت عن كونها بمعنى بل هنا ، والمناسب لما تقدم أنها بمعناها أيضا. قوله : (على ذلك) أي الاتخاذ ، كأن الله يقول لهم : نحن قد أتينا ببراهين دالة على وحدانيتنا ، فأتوا ببرهان يدل على ثبوت الشريك لنا. قوله : (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) أي عظتهم ومتمسكهم على التوحيد. قوله : (ليس في واحد منها) أي فراجعوها وانظروا ، هل في واحد منها غير الأمر بالتوحيد والنهي عن الإشراك؟ قوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) إضراب انتقالي ، من محاجتهم إلى بيان أنهم كالبهائم ، لا يميزون بين الحق والباطل. قوله : (الْحَقَ) الكلام على حذف مضاف ، أي توحيد الحق.
قوله : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) الخ ، تقرير لما قبله من كون التوحيد ، نطقت به الكتب القديمة واجتمعت عليه الرسل. قوله : (وفي قراءة) أي وهي سبعية أيضا. قوله : (وَقالُوا) الضمير عائد على فرق من العرب ، وهم خزاعة وجهينة وبنو سلمة حيث قالوا : الملائكة بنات الله. قوله : (والعبودية تنافي الولادة) أي لأن عبد الإنسان لا يكون ولده ، وهذا بحسب المعتاد عندهم. قوله : (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) أي لا يخالفونه في القول ولا في العمل. قوله : (يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي فهم يراقبونه في جميع أحوالهم ، فلا يقدمون على قول ولا عمل بغير مراده ، لعلمهم بأنه تعالى محيط بهم. قوله : (إِلَّا لِمَنِ