(أَنْزَلْناهُ) أي القرآن (قُرْآناً عَرَبِيًّا
وَصَرَّفْنا) كررنا (فِيهِ مِنَ
الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الشرك (أَوْ يُحْدِثُ) القرآن (لَهُمْ ذِكْراً) (١١٣) بهلاك من تقدمهم من الأمم فيعتبرون (فَتَعالَى اللهُ
الْمَلِكُ الْحَقُ) عما يقول المشركون (وَلا تَعْجَلْ
بِالْقُرْآنِ) أي بقراءته (مِنْ قَبْلِ أَنْ
يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) أي يفرغ جبريل من إبلاغه (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي
عِلْماً) (١١٤) أي بالقرآن ، فكلما أنزل عليه شيء منه
____________________________________
زيادة سيئاته
ونقص حسناته لما ورد أنه «يؤخذ من حسناته للمظلوم ، فإن لم يبق له حسنات ، طرح من
سيئات المظلوم عليه». قوله : (أي مثل إنزال ما ذكر) أي الآيات المشتملة على تلك
القصص العجيبة الغريبة.
قوله : ()
أي على لسان جبريل ، مفرقا في ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع. قوله : ()
أي بلغة العرب ، ليعرفوا أنه في الفصاحة والبلاغة خارج عن طوق البشر. قوله : ()
أي التخويف. قوله : ()
(الشرك) أي يجعلون بينهم وبين الشرك وقاية بأن يؤمنوا. قوله : ()
أي موعظة في القلوب ، فينشأ عنها امتثال الأوامر واجتناب النواهي وتكرار المواعظ
في القرآن من مزيد رحمته بعباده ، سيما مع إمهالهم وعدم معاجلتهم بالأخذ ، ولذلك
يقال للكفار يوم القيامة : ().
قوله : ()
أي النافذ حكمه وأمره. قوله : ()
أي الثابت الذي لا يقبل الزوال أزلا ولا أبدا.
قوله : ()
المعنى لا تتعجل بقراءة ما ألقاه عليك جبريل في قلبك ، حتى يقرأه عليك ، وسبب ذلك
: أن جبريل كان يأتي للنبي بالقرآن ، فيلابس جسمه ويضعه في قلبه ، فيريد النبي
التعجيل والنطق به ، فأمره الله أن لا ينطق به حتى يقرأه جبريل باللسان عليه ظاهرا
، وهذا معنى قوله تعالى : ()
والحكمة في تلقي رسول الله عن جبريل ظاهرا ، أنه يكون سنة متبعة لأمته ، فهم
مأمورون بالتلقي من أفواه المشايخ ، ولا يفلح من أخذ العلم أو القرآن من السطور ،
بل التلقي له سر آخر.
قوله : ()
أي سل ربك الاستزادة من العلوم بسبب توالي نزول القرآن ، فإنها أفضل ما يسأل وأعز
ما يطلب ، ومن هنا أمر المشايخ المريدين بتلاوة القرآن والتعبد به ، بعد كمالهم
ونظافة قلوبهم ، وما داموا لم يكملوا ، يأمرونهم بالمجاهدة بالذكر ونحوه لتخلص
قلوبهم ، والحكمة في ذلك ، أن الغفلة في الذكر أخف منها في القرآن لما في الأثر :
رب قارى للقرآن والقرآن يلعنه ، فجعل العارفون للتوصل للقرآن طرقا يجاهدون أنفسهم
فيها ، ليزدادوا بقراءتهم القرآن علوما ومعارف وأخلاقا ، وحينئذ فليس تركهم
القراءة في المبدإ ، لكون غيره أفضل منه ، بل لينظفوا أنفسهم للقراءة. قوله : (وصيناه
أن لا يأكل من الشجرة) أي نهيناه عن الأكل منها ، وحتمنا عليه الأكل منها ، فغلب
مرادنا على أمرنا. قوله : (ترك عهدنا) أي متأولا حيث غلطه إبليس بقوله : () وقاسمهما () فظن أنه لا يحلف أحد بالله كذبا.