كسرعة الثعبان الصغير المسمى بالجان المعبر به فيها في آية أخرى (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ) منها (سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا) منصوب بنزع الخافض أي إلى حالتها (الْأُولى) (٢١) فأدخل يده في فمها فعادت عصا وتبين أن موضع الإدخال موضع مسكها بين شعبتيها وأرى ذلك اليد موسى لئلا يجزع إذا انقلبت حية لدى فرعون (وَاضْمُمْ يَدَكَ) اليمنى بمعنى الكف (إِلى جَناحِكَ) أي جنبك الأيسر تحت العضد إلى الإبط وأخرجها (تَخْرُجْ) خلاف ما كانت عليه من الأدمة (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) أي برص تضيء كشعاع الشمس تغشي البصر (آيَةً أُخْرى) (٢٢) وهي وبيضاء حالان من ضمير تخرج (لِنُرِيَكَ) بها إذا إذا فعلت ذلك لإظهارها (مِنْ آياتِنَا) الآية (الْكُبْرى) (٢٣) أي العظمى على رسالتك وإذا أراد عودها إلى حالتها الأولى ضمها إلى جناحه كما تقدم وأخرجها (اذْهَبْ) رسولا (إِلى فِرْعَوْنَ) ومن معه (إِنَّهُ طَغى) (٢٤) جاوز الحد في كفره
____________________________________
قوله : (قالَ خُذْها وَلا تَخَفْ) إنما حصل له الخوف ، لأن صورتها هائلة ، فشعبتاها صارتا شدقين لها ، والمحجن عنقها ، وعيناها تتقدان نارا تمر بالشجرة العظيمة فتلقمها ، وتقطع الشجرة العظيمة بأنيابها ، ويسمع لأنيابها صوت عظيم ، فظن أنها سطوة من الله عليه ، فولى مدبرا ولم يعقب ، فلما قال الله له : (خُذْها وَلا تَخَفْ) تبين له أنها نعمة لا نقمة. قوله : (فأدخل يده) أي مكشوفة ، وقيل كان عليه مدرعة صوف ، فلما قال له خذها ، لف كم المدرعة على يده ، فأمره الله أن يكشف يده وقال : أرأيت لو أذن الله لها ، أكانت المدرعة تغني عنك شيئا؟ قال : لا ، ولكني ضعيف ، من الضعف خلقت ، فكشف عن يده ثم وضعها في فم الحية. قوله : (وتبين) هو فعل ماض ، وفاعله ضمير يعود على موسى أي علم قوله : (أن موضع) الخ ، في محل المفعول به. قوله : (موضع مسكها) أي الاتكاء عليها ، والمعنى أنه لما وضع يده في فمها ، وانقلبت عصا ويده بحالها ، رأى محل يده هو ما بين الشعبتين ، فالشعبتان صارتا شدقين ، وصار ما تحتهما وهو محل مسكها بيده عنقا لها. قوله : (ورأى ذلك) أي بصر الله موسى قلبها حية في ذلك الوقت لئلا يجزع ، الخ. قوله : (لدى فرعون) أي عنده. قوله : (بمعنى الكف) أي لا بمعنى حقيقتها ، وهي من الأصابع إلى المنكب. قوله : (تحت العضد) بيان للمراد من الجنب ، وقوله : (إلى الإبط) أي من المرفق منتهيا إلى الإبط. قوله : (من الأدمة) أي السمرة.
قوله : (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) متعلق بتخرج ، وهذا يسمى عند أهل البيان احتراسا وهو أن يؤتى بشيء يرفع توهم غير المراد ، لأن البياض قد يراد به البرص والبهق. قوله : (تضيء كشعاع الشمس) أي فكان إذا أدخل يده اليمنى في جيبه ، وأدخلها تحت إبطه الأيسر وأخرجها ، كان لها نور ساطع ، يضيء بالليل والنهار ، كضوء الشمس والقمر وأشد ضوءا ، ثم إذا ردها إلى جيبه ، صارت إلى لونها الأول. قوله : (الآية) (الْكُبْرى) قدره إشارة إلى أن (الْكُبْرى) صفة لمحذوف مفعول ثان لقوله نريك ، والكاف مفعول أول ، والكبرى اسم تفضيل ، والمعنى التي هي أكبر من غيرها ، حتى من العصا ، لأنها لم تعارض أصلا ، وأما العصا فقد عارضها السحرة.
قوله : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) أي بهاتين الآيتين ، وهما العصا واليد ، روي أن الله تعالى قال