الماضية (هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً) مالا ومتاعا (وَرِءْياً) (٧٤) منظرا من الرؤية فكما أهلكناهم لكفرهم نهلك هؤلاء (قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ) شرط جوابه (فَلْيَمْدُدْ) بمعنى الخبر أي يمد (لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) في الدنيا يستدرجه (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ) كالقتل والأسر (وَإِمَّا السَّاعَةَ) المشتملة على جهنم فيدخلونها (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) (٧٥) أعوانا أهم أم المؤمنون وجندهم الشياطين وجند المؤمنين عليهم الملائكة (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا) بالإيمان (هُدىً) بما ينزل عليهم من الآيات (وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) هي الطاعات تبقى لصاحبها (خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا) (٧٦) أي ما يرد اليه ويرجع بخلاف أعمال الكفار ، والخيرية هنا في
____________________________________
(وَرِءْياً) أي مرئيا كالذبح بمعنى المذبوح ، وقوله : (منظرا) أي هيئة وصورة. قوله : (قُلْ) أي للكفار المفتخرين على فقراء المؤمنين. قوله : (فِي الضَّلالَةِ) أي الكفر والغفلة عن عواقب الأمور. قوله : (بمعنى الخبر) أي وأتى به على صورة الأمر ، إعلاما بأنه يحصل ولا بد بمقتضى حكمته ، كما أنه ألزم نفسه بذلك. قوله : (أي يمد) (لَهُ الرَّحْمنُ) إنما ذكر الرحمن إشارة إلى أن رحمته سبقت غضبه. قوله : (يستدرجه) أي بأن يطيل عمره ويكثر ماله ، ويمكنه من التصرف فيه.
قوله : (حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ) غاية في قوله : (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ). قوله : (وَإِمَّا السَّاعَةَ) إما حرف تفصيل ، وهي مانعة خلو تجوز الجمع والعذاب والساعة بدلان من ما ، والمعنى يستمرون في الطغيان ، إلى أن يعلموا إذا رأوا العذاب أو الساعة من هو شر مكانا وأضعف جندا. قوله : (فَسَيَعْلَمُونَ) جواب (إِذا) ، وقوله : (مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) راجع لقوله : (خَيْرٌ مَقاماً) ، وقوله : (وَأَضْعَفُ جُنْداً) راجع لقوله : (وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) على طريف اللف والنشر المرتب. قوله : (أهم أم المؤمنون) أشار بذلك إلى أن من استفهامية ، ويصح كونها موصولة مفعول يعلمون. قوله : (عليهم) متعلق بجندا ، لتضمينه ، معنى المعاونين ، وذلك كما وقع لهم في بدر ، فالكفار كان جندهم إبليس وأعوانه ، جاءوا إليهم ليعينوهم ثم انخذلوا عنهم ، والمؤمنون كان جندهم الملائكة التي قاتلت معهم ، كما تقدم في الأنفال وآل عمران.
قوله : (وَيَزِيدُ اللهُ) هذه الجملة مستأنفة أو معطوفة على جملة الشرط المحكية بالقول ، وكأنه قال : قل لهم من كان في الضلالة ، الخ ، وقل لهم يزيد الله الذين اهتدوا ، الخ. قوله : (بما ينزل عليهم من الآيات) أي فكلما نزلت عليهم آية من القرآن ، ازدادوا بها هدى وإيمانا ، قال تعالى : (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً). قوله : (هي الطاعة) تقدم أن هذا أحد تفاسير في الباقيات الصالحات ، وهو الأحسن. قوله : (خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ) أي من زينة الدنيا التي يتنعم بها الكفار. قوله : (بخلاف أعمال الكفار) أي فإنها شر مردا ، لكونهم يردون إلى جهنم ، فتحصل أن الأعمال كلها باقية لأصحابها ، فالمؤمنون تبقى لهم الأعمال الصالحة ، فيتنعمون بها في الجنة ، والكفار تبقى لهم الأعمال السيئة ، فيعذبون بها في الثار ، فالعاقل يختار لنفسه أي العملين يبقى له؟ قوله : (والخيرية) الخ ، أي أفعل التفضيل ، ذكر على سبيل المشاكلة للكلام السابق ، فاندفع ما يقال : إن أعمال الكفار لا خير فيها أصلا ، فكيف تصح المفاضلة؟