لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) فرقة منهم (أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) (٦٩) جرأة (ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها) أحق بجهنم الأشد وغيره منهم (صِلِيًّا) (٧٠) دخولا واحتراقا فنبدأ بهم وأصله صلوى من صلي بكسر اللام وفتحها (وَإِنْ) أي ما (مِنْكُمْ) أحد (إِلَّا وارِدُها) أي داخل جهنم (كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (٧١) حتمه وقضى به لا يتركه (ثُمَّ نُنَجِّي) مشددا ومخففا (الَّذِينَ اتَّقَوْا) الشرك والكفر منها (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ) بالشرك والكفر (فِيها جِثِيًّا) (٧٢) على الركب (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) أي المؤمنين والكافرين (آياتُنا) من القرآن (بَيِّناتٍ) واضحات حال (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) نحن وأنتم (خَيْرٌ مَقاماً) منزلا ومسكنا بالفتح من قام وبالضم من أقام (وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) (٧٣) بمعنى النادي وهو مجتمع القوم يتحدثون فيه يعنون نحن فنكون خيرا منكم. قال تعالى (وَكَمْ) أي كثيرا (أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) أي أمة من الأمم
____________________________________
قوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) أي مسلما أو كافرا. والحاصل أنه اختلف المفسرون في المراد بالورود ، فقيل الدخول ، وقيل الحضور معها في الموقف ، والذي عول عليه الأشياخ ، أن المراد به المرور على الصراط ، وهو على ظهرها أحد من السيف ، وأرق من الشعرة ، ويتسع للمؤمن بقدر عمله ، ومن هنا تقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن ، فقد أطفأ نورك لهبي ، وهم في المرور مختلفون ، لما في الحديث : «يرد الناس النار ثم يصدون عنها بأعمالهم ، فأولهم كلمح البصر ، ثم الريح ، ثم كعدو الفرس ، ثم كالراكب المجد ، ثم كشد الرجل في مشيه». قوله : (أي داخل جهنم) أي وتكون على المؤمنين ، ولو ماتوا عصاة ، غير من تحقق فيهم الوعيد بردا وسلاما لدخولهم فيها وهي خامدة ، فلا يشعرون بها. قوله : (كانَ) أي الورود. قوله : (حَتْماً مَقْضِيًّا) أي بمقتضى حكمته لا بإيجاب عليه.
قوله : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي نخرجهم منها من غير أن يمسهم عذابها ، وهم من لم ينفذ فيهم الوعيد ، أو بعد العذاب ، وهم من نفذ فيهم الوعيد. قوله : (وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ) أي نتركهم فيها على سبيل الخلود ، وقوله : (جِثِيًّا) حال من الظالمين. قوله : (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) الخ ، أي حين نزلت على النبي صلىاللهعليهوسلم آيات القرآن ، وتلاها على المؤمنين والكافرين ، وعجزوا عن معارضتها ، أخذ أغنياء الكفار في الافتخار على فقراء المؤمنين ، بما لهم من حظوظ الدنيا ، حيث قالوا لهم : انظروا إلى منازلنا ، فتروها أحسن من منازلكم ، وإلى مجالسنا ، فتروها أحسن من مجالسكم ، نجلس في صدر المجلس ، وتجلسون في طرفه الحقير ، فإذا كان ذلك لنا في الدنيا ، فنحن عند الله خير منكم ، ولو كنتم على خير لأكرمكم كما أكرمنا ، وقصدهم بذلك فتنة فقراء المدينة بزينة الدنيا ، قال تعالى : (وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ).
قوله : (قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي أغنياؤهم. قوله : (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي الفقراء منهم. قوله : (نحن وأنتم) بيان للفريقين. قوله : (بالفتح والضم) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فالفتح على أنه من قام ثلاثيا ، والضم على أنه من أقام رباعيا ، وكان يحتمل أن يكون اسم مكان ، أو اسم مصدر. قوله : (قال تعالى) أي ردا عليهم. قوله : (هُمْ أَحْسَنُ) مبتدأ وخبر ، والجملة صفة لقرن و (أَثاثاً وَرِءْياً) تمييز. قوله :