الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) أي خبره (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) مبالغا في الصدق (نَبِيًّا) (٤١) ويبدل من خبره (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) آزر (يا أَبَتِ) التاء عوض عن ياء الإضافة ولا يجمع بينهما وكان يعبد الأصنام (لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ) لا يكفيك (شَيْئاً) (٤٢) من نفع أو ضر (يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً) طريقا (سَوِيًّا) (٤٣) مستقيما (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) بطاعتك إياه فى عبادة الأصنام (إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) (٤٤) كثير العصيان (يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) إن لم تتب (فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ
____________________________________
الدنيا بأهلها : لمن الملك اليوم؟ فيجيب نفسه بقوله : لله الواحد القهار. قوله : (وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) أي يردون فيجازى كل أحد بما قدمه من خير وشر.
قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) يحتمل أنه معطوف على قوله : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ) والمعنى واذكر لأهل مكة قصة إبراهيم ، لعلهم يعتبرون فيؤمنوا ، ويحتمل أنه معطوف على قوله : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) عطف قصة على قصة ، وهو الأقرب. قوله : (مبالغا في الصدق) أي في أقواله وأفعاله وأحواله. قوله : (نَبِيًّا) وصف خاص ، لأن كل نبي صديق ولا عكس ، وبين الولاية والصديقية عموم وخصوص مطلق أيضا ، فكل صديق ولي ولا عكس ، لأن الصديقية مرتبة تحت مرتبة النبوة. قوله : (ويبدل منه) أي بدل اشتمال ، وحينئذ فقوله : (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) معترض بين البدل والمبدل منه. قوله : (لِأَبِيهِ) قيل حقيقة ، وهو ما مشى عليه السيوطي في سورة الأنعام تبعا للمفسر هنا ، ولا يضر كفر أصول الأنبياء ، فإن الله يخرج الحي من الميت ، ولا ينافيه قوله صلىاللهعليهوسلم : «ما زلت أنتقل من الأصلاب الطاهرة إلى الأرحام الفاخرة» لأن المعنى الطاهرة من سفاح الجاهلية ، وإن كانوا كفارا ، أو يقال إن آزر لم يتحقق كفره إلا بعد بعثة إبراهيم ، وحينئذ فقد انتقل منه النور المحمدي إلى ولده ، وهو في حالة الفترة ، وقيل هو عمه ، واسم أبيه تارخ ، وسمي أبا على عادة الأكابر ، من تسمية العم أبا ، وعليه فلا يرد الحديث المتقدم ، وهما قولان للمفسرين. قوله : (التاء عوض عن ياء الإضافة) أي فأصله أبي ، فيقال في إعرابه : يا حرف نداء ، وأب منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة ، والتاء عوض عن الياء. قوله : (ولا يجمع بينهما) أي فلا يقال يا أبتي ، لأن فيه الجمع بين العوض والمعوض ، ويقال يا أبتا ، لأن الألف عوض عن الياء أيضا ، ففيه جمع بين عوضين.
قوله : (لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ) أي لأي سبب تعبد ما لا سمع فيه ولا بصر. قوله : (أو ضر) أي أو دفع ضر. قوله : (مِنَ الْعِلْمِ) أي العلم بالتوحيد والشرع. قوله : (فَاتَّبِعْنِي) أي امتثل أمري فيما آمرك به. قوله : (مستقيما) أي لا اعوجاج فيه. قوله : (بطاعتك إياه) أي فالمراد بعبادته امتثال أمره في عبادة الأصنام ، حيث حسنها له بوسوسته. قوله : (عَصِيًّا) أي وطاعة العاصي عصيان. قوله : (إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ) أي في المستقبل إن لم ترجع ، وإنما عبر بالخوف ، لأنه لم يكن قاطعا بموته على الكفر ، بل كان مترجيا إيمانه ، وقيل المراد بالخوف العلم والأقرب الأول ، لأنه لو علم عدم هدايته ما خاطبه بهذا