(عَلَيَ) بالأمر بالسجود له وأنا خير منه خلقتني من نار (لَئِنْ) لام قسم (أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَ) لأستأصلن (ذُرِّيَّتَهُ) بالإغواء (إِلَّا قَلِيلاً) (٦٢) منهم ممن عصمته (قالَ) تعالى له (اذْهَبْ) منظرا إلى وقت النفخة الأولى (فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ) أنت وهم (جَزاءً مَوْفُوراً) (٦٣) وافرا كاملا (وَاسْتَفْزِزْ) استخف (مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى معصية (وَأَجْلِبْ) صح (عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) وهم الركاب والمشاة في المعاصي (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) المحرمة كالربا والغصب (وَالْأَوْلادِ) من الزنا (وَعِدْهُمْ) بأن لا بعث ولا جزاء (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ) بذلك (إِلَّا غُرُوراً) (٦٤) باطلا (إِنَ
____________________________________
الهمزة للاستفهام ، ورأى فعل ماض ، والتاء فاعل ، والكاف مؤكدة لتاء الخطاب ، واسم الإشارة مفعول أول ، و (الَّذِي) بدل منه أو صفة له ، و (كَرَّمْتَ) الموصول ، والعائد محذوف تقديره كرمته ، والمفعول الثاني محذوف تقديره لم كرمته عليّ؟ ولم يجبه الله عن هذا السؤال تحقيرا له ، حيث اعترض على مولاه ، وتكبر وحسد عباد الله ، والإراءة هنا بمعنى الاخبار ، ففيه مجاز مرسل ، من باب إطلاق السبب على المسبب ، لأن شأن من كان رائيا لشيء أن يخبر به ، وأطلق الاستفهام وأريد منه الطلب ، ففيه مجاز مرسل على مجاز ، وتقدم نظائر هذه الآية في الأنعام ، وسيأتي في القصص. قوله : (خلقتني من نار) أي وهي أفضل العناصر الأربع. قوله : (لام القسم) أي مقدرة تقديره والله ، وقوله : (لَأَحْتَنِكَنَ) جواب القسم ، والجملة مستأنفة مرتبة على محذوف ، والتقدير فطرده الله ، فطلب اللعين الإمهال للنفخة الثانية ، فأجابه الله بخلاف ما طلب فقال : (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ) الخ ، والاحتناك في الأصل مأخوذ من حنك الدابة إذا جعل الرسن في حنكها ، واحتنك الجراد الأرض أكل ما عليها ، والياء في أخرتني ثابتة لبعض القراء وصلا ووقفا ، ومحذوفة لبعضهم كذلك ، وثابتة لبعضهم وصلا ، وحذفها وقفا ، فالقراءات ثلاث وكلها سبعية هنا ، وأما التي تأتي في المنافقين ، فالياء ثابتة للكل لثبوتها في الرسم. قوله : (ممن عصمته) أي عصمة واجبة كالأنبياء ، أو جائزة كالصلحاء.
قوله : (قالَ) (تعالى) (اذْهَبْ) هذا تهديد له ، وليس الأمر في المواضع الخمسة على حقيقته ، بل هو استدراج وتهديد لأنه معصية ، والله لا يأمر بها ، على حد : إذا لم تستح فاصنع ما شئت. قوله : (إلى وقت النفخة الأولى) هذا جواب له على خلاف ما طلب ، فإنه طلب الانظار إلى النفخة الثانية ليفر من الموت ، فإنه يعلم أن لا موت بعد النفخة الثانية. قوله : (جَزاؤُكُمْ) غلب المخاطب لأنه سبب في الأغواء قوله : (جَزاءً) منصوب بالمصدر قبله. قوله : (وافر) أشار بذلك إلى أن اسم المفعول بمعنى اسم الفاعل. قوله : (بالغناء) بكسر الغين والمد ، وهو تطريب الصوت بما يهيج الشهوات المحرمة. قوله : (وكل داع إلى معصية) كالكلام مع الأجنبية ونحوه. قوله : (بِخَيْلِكَ) الباء للملابسة ، والمعنى صح عليهم حال كونك ملتبسا بجنودك الركاب والمشاة ، فالمراد بالخيل ركابها ، وذلك كقطاع الطرق ، الذين يركبون الخيل ، ويأخذون الأموال ، ويقتلون النفوس. قوله : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) أي بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام ، والتصرف فيها فيما لا ينبغي. قوله : (من الزنا) أي ومثله ما لو طلق الرجل امرأته ثلاثا ، وأتى منها بالأولاد ، فإن الشيطان شريكه فيهم. قوله : (وَعِدْهُمْ) أي احملهم على اعتقاد عدم البعث والجزاء.