(سُبْحانَهُ) تنزيها له (وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ) من الشركاء (عُلُوًّا كَبِيراً) (٤٣) (تُسَبِّحُ لَهُ) تنزهه (السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ) ما (مِنْ شَيْءٍ) من المخلوقات (إِلَّا يُسَبِّحُ) ملتبسا (بِحَمْدِهِ) أي يقول سبحان الله وبحمده (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ) تفهمون (تَسْبِيحَهُمْ) لأنه ليس بلغتكم (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤٤) حيث لم يعاجلكم بالعقوبة (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) (٤٥) أي ساترا لك عنهم فلا يرونك ، نزل فيمن أراد الفتك به صلىاللهعليهوسلم (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) أغطية (أَنْ يَفْقَهُوهُ) من أن يفهموا القرآن ، أي
____________________________________
تعددهم. قوله : (وَتَعالى) عطف على ما تضمنه قوله سبحانه كأنه قال تنزه وتعالى.
قوله : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ) الخ ، القصد من ذلك التوبيخ والتقريع على من أثبت لله شريكا ، والمعنى كيف يشركون مع الله غيره ، وكل شيء ينزهه عن كل نقص. قوله : (وَالْأَرْضُ) أفردها مع أنها سبع كالسماوات ، لكون جنسها واحدا وهو التراب. قوله : (من المخلوقات) أي الإنس والجن والملك وسائر الحيوانات والجمادات. قوله : (أي يقول سبحان الله وبحمده) أي اعتقد تنزيه الله وأصفه بحمده ، أي بكل كمال. قوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) هذا يقتضي أن تسبيح الجمادات والحيوانات غير العاقلة بلسان المقال ، وهو الذي اختاره جمهور السلف ، وذهب الأقل إلى أنه بلسان الحال ، بمعنى أنها تدل تلك المخلوقات ، على أن لها صانعا متصفا بالكمالات ، منزها عن النقائض ، فكان ذلك تسبيحا لها ، قال العارف :
وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه الواحد |
قوله : (حيث لم يعاجلكم بالعقوبة) أي مع غفلتكم ، وعدم تدبركم في آياته ، ونظركم في مصنوعاته قوله : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم حين أراد الكفار قتله على حين غفلة ، وأل في القرآن ، إما للجنس الصادق بأي آية وهو الحق ، لما في الحديث «خذ من القرآن ما شئت لما شئت» وكون القرآن حجابا ساترا ، ليس من خصوصياته صلىاللهعليهوسلم ، بل له ولأمته المؤمنين به المخلصين ، كما هو مشاهد ومجرب بين العارفين ، وأدلة السنة في ذلك أشهر من أن تذكر ، أو للعهد ، والمراد ثلاث آيات مشهورات من النحل والكهف والجاثية ، وهي قوله تعالى في سورة النحل (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ). وفي سورة الكهف (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ). وفي الجاثية (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) الآية ، وزاد العلماء أول سورة يس إلى قوله (فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) لما ورد أنه قرأها حين اجتمعوا على بابه لإرادة قتله ، وأذن الله له في الهجرة ، فأخذ حفنة من تراب في يده ، وخرج وهو يتلويس إلى قوله (فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) وجعل ينثر التراب على رؤوسهم ، ثم انصرف ، فلم يره أحد منهم ، بل أخذ الله أبصارهم.
قوله : (وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) أي وهم المنكرون للبعث. قوله : (أي ساترا) أشار بذلك إلى أن اسم المفعول بمعنى اسم الفاعل. قوله : (فيمن أراد الفتك به) أي كأبي جهل ، وأم جميل زوجة أبي لهب ، ويهود خيبر ، ويهود المدينة ، والمتفقين ، والفتك بتثليث الفاء هو القتل على غفلة. قوله : (أغطية) أي