(وَهُدىً) عطف على لتبين (وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٦٤) به (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ) بالنبات (بَعْدَ مَوْتِها) يبسها (إِنَّ فِي ذلِكَ) المذكور (لَآيَةً) دالة على البعث (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٥) سماع تدبر (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) اعتبارا (نُسْقِيكُمْ) بيان للعبرة (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) أي الأنعام (مِنْ) للابتداء متعلقة بنسقيكم (بَيْنِ فَرْثٍ) ثفل الكرش (وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً) لا يشوبه شيء من الفرث والدم من طعم أو ريح أو لون وهو بينهما (سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (٦٦) سهل المرور في حلقهم لا يغص به (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ) ثمر (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) خمرا يسكر سميت بالمصدر وهذا قبل تحريمها (وَرِزْقاً حَسَناً) كالتمر
____________________________________
العبادات والمعاملات وغير ذلك. قوله : (وَهُدىً) أي من الضلال. قوله : (وَرَحْمَةً) أي إحسانا. قوله : (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) خصهم لأنهم المنتفعون به دون غيرهم. قال تعالى : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً). قوله : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) شروع في ذكر أدلة توحيده سبحانه وتعالى. قوله : (دالة على البعث) أي لأن القادر على إحياء الأرض بالماء بعد يبسها ، قادر على إعادة الأجسام بعد تفرقها وانعدامها. قوله : (سماع تدبر) أي فالمراد بالسماع سماع القلوب ، لا سماع الآذان.
قوله : (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ فِي) للسببية. والمعنى : وإن لكم بسبب الأنعام لعبرة الخ. قوله : (لَعِبْرَةً) أي اتعاظا وتذكارا ، يعتبر بها المعتبر ويستدل على أن الله هو الرحمن الرحيم الفعال لما يريد. قوله : (بيان لعبرة) أي لمتعلقها وهو المعتبر به. قوله : (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) من للتبعيض ، قوله : (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ مِنْ) ابتدائية كما قال المفسر. والمعنى : نسقيكم بعض الذي في بطونه لبنا خالصا ، ناشئا من بين فرث ودم ، وذكر الضمير في بطونه هنا ، مراعاة للفظ الأنعام ، وأنثه في سورة المؤمنون ، مراعاة للمعنى الذي هو جماعة الأنعام ، لأن الأنعام اسم جمع. قوله : (ثفل الكرش) بضم المثلثة وسكون الفاء ، و (الكرش) بوزن الكبد. قوله : (لَبَناً) مفعول ثان لنسقيكم ، والأول هو الكاف. قوله : (وهو بينهما) وذلك لأن البهيمة إذا أكلت العلف طبخه الكرش ، فيجعل الله أسلفه فرثا ، وأوسطه لبنا خالصا لا يشوبه شيء وأعلاه دما ، وبينهما حاجز بقدرة الله تعالى ، ثم يسلط الكبد عليه ، فتجري عليه الدم في العروق ، واللبن في الضروع ، ويبقى الفرث في الكرش ، فينزل من مخرجه روثا. قوله : (سهل المرور) أي ولذا جعل غذاء لصغار الحيوانات التي ترضعها أمهاتها ، ولعظم مزيته يقال عقب أكله : اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه ، بخلاف غيره من الأطعمة ، فيقال وعوضنا خيرا منه.
قوله : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ) خبر مقدم ، والمبتدأ محذوف قدره المفسر بقوله : (ثمر) ، قوله : (تَتَّخِذُونَ) نعت لذلك المحذوف ، والضمير في (مِنْهُ) عائد على ذلك المحذوف. قوله : (خمرا) أي وقيل إنه اسم للخل بلغة الحبشة ، وقيل اسم للعصير ما دام حلوا ، وتسميته سكرا باعتبار ما يؤول إليه ، وعلى هذين التفسيرين ، فالامتنان به باق لم ينسخ. قوله : (سميت بالمصدر) أي فالسكر مصدر سكر من باب فرح. قوله : (وهذا قبل تحريمها) أي لأن هذه السورة مكية ، وتحريم الخمر كان بالمدينة ، نزلت به