فَوْقِهِمْ) أي وهم تحته (وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٢٦) من جهة لا تخطر ببالهم ، وقيل هذا تمثيل لإفساد ما أبرموه من المكر بالرسل (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ) يذلهم (وَيَقُولُ) الله لهم على لسان الملائكة توبيخا (أَيْنَ شُرَكائِيَ) بزعمكم (الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ) تخالفون المؤمنين (فِيهِمْ) في شأنهم (قالَ) أي يقول (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) من الأنبياء والمؤمنين (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) (٢٧) يقولونه شماتة بهم (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ) بالتاء والياء (الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) بالكفر (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) انقادوا واستسلموا عند الموت قائلين (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) شرك ، فتقول الملائكة (بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨) فيجازيكم به ويقال لهم (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى) مأوى (الْمُتَكَبِّرِينَ) (٢٩) (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا)
____________________________________
بكسر الهمزة جمع أس بضمها ، كرماح جمع رمح ، أو فتحها جمع أسس بضمتين ، كعنق وأعناق. قوله : (فأرسل عليه الريح والزلزلة فهدمتها) أي فقصفته وألقت رأسه في البحر ، وخر عليهم الباقي فأهلكهم وهم تحته.
قوله : (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ) أي سقط ونزل عليهم. قوله : (أي وهم تحته) تفسير لقوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) ودفع بقوله : (مِنْ فَوْقِهِمْ) ما يتوهم أنهم لم يكونوا تحته. قوله : (وقيل هذا تمثيل لإفساد ما أبرموه) أي فإن الآية محمولة على العموم ، وليس هناك بناء حقيقة ، بل هو مثل ضربه الله للذين مكروا بأنبياء الله ، فأهلكهم الله بمكرهم ، فمثلهم بقوم بنوا بنيانا شديدا ، فانهدم ذلك البنيان ، وسقط عليهم فأهلكهم. قوله : (على لسان الملائكة) مرور منه على القول بأن الله لا يكلم الكفار ، وقيل إن الله يكلمهم ، قوله تعالى (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أي كلام رحمة وتعظيم. قوله : (أَيْنَ شُرَكائِيَ) أي ما لهم لا يحضرون معكم ، ليدفعوا معكم ما نزل بكم من العذاب. قوله : (تُشَاقُّونَ) بفتح النون وكسرها قراءتان سبعيتان ، وقرىء شذوذا بكسر النون مع التشديد ، والأصل تشاقونني فأدغم. قوله : (تخالفون المؤمنين) أي تنازعونهم في شأنهم.
قوله : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي وهم في الموقف. قوله : (شماتة بهم) أي فرحا بما حصل لهم ، جزاء لاستهزائهم بالمؤمنين في الدنيا ، فإذا كان يوم القيامة ، وظهر أهل الحق ، وأكرموا بأنواع الكرامات. وعذب أهل الباطل بأنواع العذاب ، فعند ذلك يفرح المؤمنون بذلك ، ويقول رؤساء المؤمنين : إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، لكنه مع الياء يقرأ بالإمالة ، و (الْمَلائِكَةُ) فاعل ، والمراد بهم عزرائيل وأعوانه ، وإنما أنث الفعل على قراءة التاء ، لأن لفظ الجمع مؤنث.
قوله : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ) إنما أنكروا ذلك ، رجاء أن يقبلوا. قوله : (ويقال لهم) أي عند خروج أرواحهم ، وحينئذ فيكون المراد بالدخول ، شهود أرواحهم دار العذاب ، أو يوم القيامة ؛ والدخول على حقيقته. قوله : (أَبْوابَ جَهَنَّمَ) أي طبقاتها ، والمعنى ليدخل كل صنف الطبقة التي أعدت له. قوله : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) أي مقامهم ومنزلهم ، والمخصوص بالذم محذوف تقديره هو.