الْقَرارُ) (٢٩) المقر هي (وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) شركاء (لِيُضِلُّوا) بفتح الياء وضمها (عَنْ سَبِيلِهِ) دين الإسلام (قُلْ) لهم (تَمَتَّعُوا) بدنياكم قليلا (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ) مرجعكم (إِلَى النَّارِ) (٣٠) (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ) فداء (فِيهِ وَلا خِلالٌ) (٣١) مخالة أي صداقة تنفع ، هو يوم القيامة (اللهُ الَّذِي خَلَقَ
____________________________________
قوله : (وَجَعَلُوا) عطف على ما بدلوا. قوله : (أَنْداداً) جمع ند بمعنى النظير. قوله : (لِيُضِلُّوا) اللام للعاقبة والصيرورة ، لأن اتخاذهم الأنداد ، ليس لأجل الضلال ، بل لكونهم يقربونهم إلى الله زلفى. قوله : (بفتح الياء وضمها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، والمعنى ليضلوا في أنفسهم وهذا على الفتح ، أو ليضلوا غيرهم وهذا على الضم. قوله : (بدنياكم) أي أو بعبادتكم الأصنام ، لأنها من جملة الشهوات التي يتمتع بها ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإن هذا تهديد لكل ظالم. قوله : (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ) أي مآلكم إليها.
قوله : (قُلْ لِعِبادِيَ) بثبوت الياء مفتوحة ، وبحذفها لفظا لا خطا ، قراءتان سبعيتان هنا وفي أربعة مواضع من القرآن ، في سورة الأنبياء في قوله : (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). وفي العنكبوت في قوله : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ). وقوله في سبأ (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ). وقوله في سورة الزمر (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ). والإضافة في عبادي للتشريف ، ولذا قال العارف :
ومما زادني شرفا وتيها |
|
وكدت بأخمصي أطأ الثريا |
دخولي تحت قولك يا عبادي |
|
وأن صيرت أحمد لي نبيا |
قوله : (الَّذِينَ آمَنُوا) أي اتصفوا بالإيمان ، وفي ذلك إشارة إلى أن الصلاة والزكاة وغيرهما من وجوه البر ، لا تكون إلا لمن اتصف بالإيمان ، فلا تنفع الكافر في حال كفره ، فلا ينافي أنه مخاطب بفروع الشريعة ، لكن لا تصح منه إلا الإسلام ، وفائدة خطابه بها ، أنه يعذب عليها زيادة على عذاب الكفر ، بدليل قوله تعالى : (ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) الآية. قوله : (وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) أي النفقة الواجبة كالزكاة ، والمندوبة كالتطوعات ، وقوله : (سِرًّا وَعَلانِيَةً) أي فالإنسان مخير في الاتفاق ، إما سرا ، أو جهرا ، لكن الأفضل فى الواجبة الجهر ، لئلا يتهم بقلة الدين ، وفي التطوعات السر ، لكونه أقرب إلى الاخلاص. قوله : (فداء) مشى المفسر على أن المراد بالبيع الفداء ، مشى غيره على إبقاء البيع على ظاهره ، أي لا شيء يباع فيه للفداء. قوله : (مخالة) أشار المفسر إلى أن قوله : (خِلالٌ) مصدر بمعنى المخالة ، وقال غيره إن خلال جمع خلة ، كقلال جمع قلة. قوله : (أي صداقة تنفع) هذا محمول على الكفر بدليل آية الزخرف (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) ، فالمتقون لهم الأخلاء يوم القيامة ، وفي القبور ، وفي كل موطن مخوف ، والكفار قد تقطعت بهم الأسباب ، فليس لهم أخلاء نافعون أصلا.
قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَ) شروع في ذكر دلائل وحدانيته تعالى ، واتصافه بالكمالات ، وهذه الآية