(ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) بالتخفيف والتشديد فيه ما يشاء من الأحكام وغيرها (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) (٣٩) أصله الذي لا يتغير منه شيء وهو ما كتبه في الأزل (وَإِنْ) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة (ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) به من العذاب في حياتك وجواب الشرط محذوف أي فذاك (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل تعذيبهم (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) لا عليك إلا التبليغ (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) (٤٠) إذا صاروا إلينا فنجازيهم (أَوَلَمْ يَرَوْا) أي أهل مكة (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) نقصد أرضهم (نَنْقُصُها
____________________________________
التي هي ثابتة في التوراة والأنجيل ، وما نسخ بعض الأحكام التي جاء بها. فأجاب الله تعالى عنه بقوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ).
قوله : (وَذُرِّيَّةً) أي وقد كان لرسول الله سبعة أولاد ثلاثة ذكور وأربع إناث ، وترتيبهم في الولادة هكذا : القاسم فزينب فرقية ففاطمة فأم كلثوم فعبد الله فإبراهيم ، وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية ، وكلهم ماتوا في حياته إلا فاطمة فماتت بعده بستة أشهر. قوله : (وَما كانَ لِرَسُولٍ) إلخ ، أي لم يجعل الله للرسول الإتيان بآية مما اقترحه قومه إلا بإرادته تعالى. قوله : (مربوبون) أي مقهورون مغلبون.
قوله : (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) ردا لاستعجالهم العذاب ، فإنه كان يخوفهم بذلك ، فاستعجلوه عنادا. قوله : (مكتوب فيه) أي في ذلك الكتاب وهو اللوح المحفوظ. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (وهو ما كتبه في الأزل) أي قدره بمعنى تعلق به علمه وإرادته ، وما مشى عليه المفسر ، من أن الصحف واللوح المحفوظ ، يقع فيها التغيير والتبديل ، والمراد بأم الكتاب ، علم الله المتعلق بالأشياء أزلا ، هو أحد تفسيرين : إن قلت : يرد على هذا ما ورد أن الله لما خلق اللوح والقلم ، وأمر بكتابة ما كان وما يكون وما هو كائن ، قال رفعت الأقلام وجفت الصحف. أجيب : بأن المراد رفعت الأقلام عما هو مطابق لعلم الله والتفسير الآخر : أن المحو والإثبات ، يقعان في صحف الملائكة فقط ، والمراد بقوله : (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) اللوح المحفوظ ، وهو لا يقبل التغيير ولا التبديل ، والحاصل : أن ما في علم الله ، لا يقبل التغيير جزما ، وما في الصحف يقبل التغيير جزما ، والخلاف في اللوح المحفوظ ، والآية محتملة ، والله أعلم بحقيقة الحال.
قوله : (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) إن شرطية مدغمة في ما الزائدة كما قال المفسر ، و (نُرِيَنَّكَ) فعل الشرط ، والفاعل مستتر تقديره نحن ، والكاف معفول أول ، و (بَعْضَ الَّذِي) مفعول ثان ، والمفعول الثالث محذوف ، قدره المفسر بقوله : (في حياتك). قوله : (أي فذاك) مبتدأ خبره محذوف تقديره شاف صدرك من أعدائك.
قوله : (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) معطوف على (نُرِيَنَّكَ) فهو شرط أيضا ، وجوابه محذوف ، والتقدير فلا لوم عليك ، وقوله : (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) دليل للمحذوف. قوله : (فنجازيهم) أي على أعمالهم خيرها وشرها ، وقد جمع الله لنبيه بين تعذيبهم على يده في الدنيا ، ومجازاة الله لهم في الآخرة قوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا) الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير : أينكرون ما وعدناهم به من العذاب ولم يروا ، إلخ. قوله : (نقصد أرضهم) أي أرض أهل مكة ، فالمقصود نصر للنبي بزوال نعمة