فإنه يقال (١) : هذا كذلك لو لا المزاحمة بمصلحة الوقت.
وأما تسويغ البدار ، أو إيجاب الانتظار في الصورة الأولى (٢) فيدور مدار كون العمل ـ بمجرد الاضطرار مطلقا ، أو بشرط الانتظار ، أو مع اليأس عن طروّ الاختيار ـ ذا مصلحة ووافيا بالغرض.
وإن لم يكن وافيا (٣) ، وقد أمكن تدارك الباقي في الوقت (٤) ، أو مطلقا ولو
______________________________________________________
(١) أي : يقال في الجواب : «هذا» أي : الذي ذكرتم من عدم جواز التشريع في الصورة الثانية «كذلك» ، أي : كما ذكرتم صحيح ، «لو لا المزاحمة بمصلحة الوقت» ، ومع المزاحمة يؤخذ بأكمل المصلحتين ، وأن ما يستوفى من الأمر الاضطراري من مصلحة الوقت ومقدار من مصلحة الواقع أكمل وأتم من استيفاء المصلحة بالقضاء.
وبعبارة أخرى ، أن المكلف يدرك بالأمر الاضطراري مصلحتين :
إحداهما : مقدار من مصلحة الأمر الواقعي الاختياري ، والأخرى : مصلحة الوقت ، وهو بالقضاء يدرك مصلحة الأمر الواقعي فقط لا مصلحة الوقت ، ولا ريب أن المصلحة الأولى أكمل من الثانية ، فهذا هو علة لتشريع الأمر الاضطراري.
(٢) أي : وهي وفاء المأمور به الاضطراري بمصلحة المأمور به الواقعي الأوّلي ، وقد عرفت مجمل الكلام فيه ، وأما تفصيل ذلك : فحاصله : أن جواز البدار وعدمه في هذه الصور يدوران مدار كيفية دخل الاضطرار في المصلحة ، فإن دل دليله على أن مجرد طرو الاضطرار ـ ولو في جزء من الوقت المضروب للمأمور به الواقعي ـ يوجب صيرورة الفعل ذا مصلحة تامة جاز البدار ، ولا يجب الانتظار إلى آخر الوقت ، أو اليأس من ارتفاع الاضطرار في الوقت. وإن دل على أن الاضطرار المستوعب للوقت يوجب صيرورة الفعل الاضطراري ذا مصلحة تامة ؛ فلا وجه لجواز البدار ، بل يجب الانتظار إلا إذا علم ببقاء العذر إلى آخر الوقت ، فإن العلم طريق عقلي لإحراز الموضوع وهو الاضطرار المستوعب ، كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٣٢» مع تصرف ما.
(٣) أي : وإن لم يكن الفعل بمجرد الاضطرار وافيا بالغرض فهناك تفصيل.
وتوضيح ذلك : أن ما يبقى من المصلحة إن كان تداركه واجبا فلا يجزي الفعل الاضطراري عن المأمور به الواقعي ، بل يجب الإتيان بالمبدل إعادة مع بقاء الوقت وقضاء بعد خروجه. وإلى هذا أشار بقوله : «فإن كان الباقي مما يجب تداركه» ، وإن لم يكن تداركه واجبا فلا يجب شيء من الإعادة والقضاء ؛ إذ المفروض : عدم وجوب تدارك ما فات من المصلحة.
(٤) أي : إذا فرض زوال العذر قبل خروج الوقت ، كما أن تدارك الباقي قضاء يكون بعد خروج الوقت.