تنبيه (١):
لا إشكال ـ بناء على القول بالمرة في الامتثال ، وأنه لا مجال للإتيان بالمأمور به ثانيا ـ على أن يكون أيضا به الامتثال فإنه من الامتثال بعد الامتثال.
وأما على المختار من دلالته (٢) على طلب الطبيعة ؛ من دون دلالة على المرة ولا
______________________________________________________
(١) الغرض من هذا التنبيه الذي جعله في الفصول بعنوان التذنيب هو : بيان ثمرة مسألة المرة والتكرار.
وحاصل ذلك على ما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٥١٢» : أنه بناء على دلالة الصيغة على المرة يحصل الامتثال بالإيجاد الأول مطلقا سواء فسرت المرة بالفرد أم بالدفعة ، ضرورة : صدقها بكل هذين المعنيين على الإيجاد الأول ، فإذا أعتق ثلاثة عبيد مثلا بإنشاء واحد أو أطعم ثلاث ستينات من المساكين دفعة ، فلا إشكال في حصول الامتثال ؛ لوجود الطبيعة كحصوله بعتق واحد من العبيد ، وإطعام ستين مسكينا ، وبعد تحقق الامتثال لا معنى لايجاد الطبيعة ثانيا بعنوان الإطاعة التي هي موافقة الأمر ، إذ المفروض : سقوطه بالإيجاد الأول ، فيمتنع الإتيان به ثانيا بعنوان الامتثال ، وهذا معنى قولهم : «لا معنى للامتثال عقيب الامتثال».
وأما بناء على دلالة الصيغة على التكرار : فلا إشكال في وجوب إيجاد الطبيعة المأمور بها ثانيا وثالثا وهكذا ، لصدق الامتثال على الجميع ؛ حيث إن الصيغة تدل على مطلوبية جميع وجودات الطبيعة ، فلكل وجود حكم يخصه كالعام الاستغراقي فتحصل الامتثالات على حسب إيجاد المأمور به ، كما أنه تحصل العصيانات على تقدير عدم إيجاد المأمور به ولو مرة.
(٢) أي : من دلالة الأمر على طلب نفس الطبيعة فقط ؛ من دون دلالة على المرة ولا على التكرار ، فلا يخلو الحال من أحد وجهين :
أحدهما : أن لا يكون هناك إطلاق الصيغة في مقام البيان ؛ بل كان في مقام الإهمال والإجمال ، والفرق بينهما : أن الأول ما لا يتعلق الغرض ببيانه ولا بإخفائه. والثاني : ما يتعلق الغرض باخفائه.
وثانيهما : أن يكون إطلاق الصيغة مسوقا للبيان ، فعلى الأول : لا بد من الرجوع إلى الأصل العملي وهو أصالة البراءة ؛ ومقتضاها : كفاية المرة لعدم وجوب الزائد.
وأما على الثاني : فلا إشكال في الاكتفاء بالمرة ؛ لصدق الطبيعة عليها ، وإنما الإشكال هو في جواز الإتيان بغير المرة بقصد امتثال الأمر ؛ بأن يأتي المكلف بالطبيعة ثانيا وثالثا وهكذا.