«تحرم المرضعة الأولى والصغيرة مع الدخول بالكبيرتين (١) وأمّا المرضعة الأخرى : ففي تحريمها خلاف ، فاختار والدي المصنف «رحمهالله» وابن إدريس تحريمها ، لأن هذه يصدق عليها أمّ زوجته ، لأنه لا يشترط في المشتق بقاء المشتق منه هكذا هاهنا» ، وما عن المسالك في هذه المسألة ، من ابتناء الحكم فيها (٢) على الخلاف في مسألة المشتق.
______________________________________________________
وأما الشاهد الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «وما عن المسالك في هذه المسألة من ابتناء الحكم فيها على الخلاف في مسألة المشتق».
وملخص ما عن الشهيد الثاني في المسالك ، ج ٧ ، ص ٢٦٩ ، ـ من ابتناء الحكم في المرضعة الثانية على الخلاف في المشتق ـ : أنه إن قلنا ببقاء الزوجية لأجل بقاء المشتق ، وصدقه بأنها زوجة ولو بعد خروجها عن الزوجية تحرم الثانية. وإن لم نقل ببقاء الزوجية يعني المشتق منه لا تحرم المرضعة الثانية ؛ إذ لا يصدق عليها أمّ الزوجة على هذا القول.
(١) عبارة الإيضاح ، ج ٣ ، ص ٥٢ ، والمحكي في البدائع ، والمشتق من فوائد المصنف ، ص ٦٤ ، هكذا : «مع الدخول بإحدى الكبيرتين بالإجماع».
(٢) أي : من ابتناء الحكم بالتحريم في المرضعة الثانية «على الخلاف في مسألة المشتق» ، فقال ما لفظه : «بقي الكلام في تحريم الثانية من الكبيرتين ، فقد قيل : إنها لا تحرم ، وإليه مال المصنف ، حيث جعل التحريم أولى ، وهو مذهب الشيخ وابن الجنيد ، لخروج الصغيرة عن الزوجية إلى البنتية ، وأمّ البنت غير محرمة على أبيها ، خصوصا على القول باشتراط بقاء المعنى المشتق منه في صدق الاشتقاق ، كما هو رأي جمع من الأصوليين». ثم ذكر تحريمها إلى أن قال : «لأن هذه يصدق عليها أمّ زوجة وإن كان عقدها قد انفسخ ، لأن الأصح أنه لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى المشتق منه». انتهى. على ما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٢١٧».
والحاصل : أن إرضاع الكبيرة الأولى للصغيرة محرّم لهما ، لأن الكبيرة تصير أم الزوجة ، والصغيرة تصير ابنة الزوجة وهما من موجبات الحرمة الأبدية بعد الدخول بالكبيرة. هذا مما لا إشكال فيه ، وإنما الكلام فيما إذا أرضعت الكبيرة الثانية للصغيرة فإن قلنا : بصدق المشتق ـ أي : الزوجة على الصغيرة بعد خروجها عن الزوجية تحرم الكبيرة الثانية ؛ لأنها برضاعها للصغيرة تكون أم الزوجة ، وإن لم نقل بالصدق لم تحرم لأنها لم ترضع الزوجة ؛ وإنما أرضعت أجنبية فلا تكون أمّ زوجته حتى تحرم.
فالمتحصل من الجميع : أنه تحرم على الزوج الكبيرة الأولى ، والصغيرة مع الدخول بإحدى الكبيرتين ، أما الصغيرة : فلأجل أنها صارت بارتضاعها من إحدى الكبيرتين ابنة له إن كان اللبن