نقل المحقق الأحمديّ هذه المعاهدة في كتابه القيّم «مكاتيب الرسول» ثم علق عليها يقول : إن النبيّ صلىاللهعليهوآله كان سيد الحكماء قبل أن يكون سيد الأنبياء ، فقد آتاه رشده من قبل أن يؤتيه الكتاب ، وكفى لذلك شاهدا هذه المعاهدة الخالدة الباقية ما بقي الدهر ، قليل لفظها غزير معناها. فعلى القرّاء الكرام التدبّر في شروطها ونتائجها ، فارجعوا النظر وفكروا في تفاصيلها (١).
ونحن نفهم من مفهومها ومنطوقها : أن العرب يومئذ ومنهم الخزرج والأوس واليهود منهم بالمدينة كانوا اذا تحاربوا فأسر بعضهم بعضا ، كانت تجتمع كل طائفة فتفتدي الأسير منها ، واذا تقاتلوا فقتل بعضهم بعضا كانت تجتمع كل طائفة فتؤدي العقل أي دية القتيل الى أهله.
ونفهم أن الأنصار من الأوس كانوا أقل من الخزرج ، وأن الأنصار من الخزرج كانوا على طوائف : بني عوف ، وبني ساعدة ، وبني الحارث ، وبني جشم ، وبني النجّار ـ ومنهم آمنة بنت وهب أم الرسول فهم أخواله ـ وبني عمرو بن عوف ، وبني النبيت ، وبني الأوس.
ونفهم أن الأوس كان منهم يهود ، وأن الخزرج كذلك كان منهم يهود من طوائف : بني النجّار ، وبني عوف ، وبني الحارث ، وبني ساعدة ، وبني جشم وبني ثعلبة ومنهم بنو جفنة ، وبني الشطيبة.
ونفهم أن هذه المعاهدة تركت المهاجرين من قريش على ربعتهم أي
__________________
ـ مكاتيب الرسول ١ : ٢٤١ ومصادر اخرى ذكرها البروفيسور محمد حميد الله مستوفى في كتابه القيم : مجموعة الوثائق السياسية ، ونقلها الأحمدي ١ : ٢٤٢.
(١) مكاتيب الرسول ١ : ٢٦١ و ٢٦٣.