والآية التالية عادت تذكّر المؤمنين بحالهم قبل هذا النصر في بدر : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ)(١).
ونقل الطبرسي في «مجمع البيان» عن عطاء قال : نزلت في المهاجرين من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى المدينة ، إذ تركوا ديارهم وأموالهم ومسّهم الضرّ (٢).
أمّا ما نقله الطوسي في «التبيان» عن السدّي وقتادة : أنّها نزلت في يوم الخندق (٣) فلا ينسجم مع الترتيب الطبيعيّ للآيات ، إلّا أن لا نتقيّد بذلك.
وقد قال العلّامة الطباطبائي في «الميزان» : إنّ هذه الآيات إلى آخر هذه الآية ذات سياق واحد يربط بعضها ببعض (٤).
وإذا كانت الآيات إلى آخر الآية السابقة ذات سياق واحد يربط بعضها ببعض ، فالظاهر أنّ الآية التالية منفردة ليست في السياق ولا ترتبط بما قبلها ولا بما بعدها ، إذ هي تبدأ بقوله سبحانه : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) والجواب : (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)(٥).
وقال الطبرسي في «مجمع البيان» : نزلت في عمرو بن الجموح ، وكان شيخا
__________________
(١) البقرة : ٢١٤.
(٢) مجمع البيان ٢ : ٥٤٦.
(٣) التبيان ٢ : ١٩٨ وعنه في مجمع البيان ٢ : ٥٤٦.
(٤) الميزان ٢ : ١٥٨.
(٥) البقرة : ٢١٥.