وقد رواه السيد جمال الدين المحدث الشيرازي كما عرفت.
وعرفت أيضا قول السيوطي : « أخرج أبو الشيخ عن الحسن أن رسول صلّى الله عليه وسلّم قال : إنّ الله بعثني رسالة فضقت بها ذرعا وعرفت أن الناس مكذبي ، فوعد ربي لأبلغنّ أو ليعذبني ، فأنزلت ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ).
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد قال : لمّا نزلت ( بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) قال رسول الله : يا رب إنما أنا واحد كيف أصنع يجتمع علي الناس! فنزلت ( وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ) (١).
وما رواه ابن مردويه وغيره يفسر هذا الحديث ، لأن « الحديث يفسر بعضه بعضا » كما تقرر في علم أصول الحديث. ونص عليه الحافظ ابن حجر في ( فتح الباري في شرح صحيح البخاري ) وقد تقدم ذكر عبارته سابقا.
فإن قيل : إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحذر تكذيب الكفار والمشركين لا الصحابة.
قلنا : إنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أمر بتبليغ هذه الرسالة إلى المسلمين ، وقد كان الحاضرون في يوم الغدير كلهم مسلمين وصحابة له ، ومتى كان الكفار موجودين في الغدير حتى يخاف صلىاللهعليهوآلهوسلم تكذيبهم؟!
فإن قيل : فقد كان من بين الصحابة منافقون.
قلنا : فذلك ما نقول به ، وقد كان أكثرهم كذلك ، ولو كانوا أقل من المؤمنين به والمخلصين له لما خاف وضاق بالتبليغ ذرعا ، ولما قال : « يا رب إنما أنا واحد كيف أصنع يجتمع علي الناس » ، على أن اللفظ الذي رواه المحدث وابن مردويه صريح في أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يخاف صحابته المسلمين الذين وصفهم بأنهم حديثو عهد بالجاهلية ، ولو كان الذين يحذرهم كفرة لما وصفهم بهذا
__________________
(١) الدر المنثور ٢ / ٢٩٨.