وذكر الرازي أنه لا يجوز قول « هو أولى » و « هما أوليان ». ولكنّا لا نسلّم هذا القول لوجهين :
الأول : إن رأي الرازي هو أن اقتران لفظ بلفظ ليس بالوضع بل العقل ، فإذا كان كذلك فإن العقل لا يأبى من قول « هو أولى » و « هما أوليان » ، ولا استحالة عقلية في هذا الإطلاق إطلاقا.
والثاني : إنّ هذه الدعوى تردّها قواعد العربية وتصريحات أئمة اللغة والتفسير ، لأن اسم التفضيل قد استعمل في آيات عديدة في القرآن الكريم مجردا من « من » والاضافة وحرف التعريف ، ففي سورة البقرة : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) وأيضا في سورة البقرة : ( ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) وفي سورة الأنعام : ( قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) وفي سورة التوبة : ( وَعَدَ اللهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً ) وأيضا في سورة التوبة ( وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ) وأيضا في سورة التوبة : ( قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ) وفي سورة بني إسرائيل : ( وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ) وفي سورة الكهف ( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ) وفي سورة طه : ( وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى ) وأيضا في سورة طه : ( وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقى ) وفي سورة القصص : ( وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى ) وفي سورة الأعلى : ( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى ).
إذن ، يجوز استعمال اسم التفضيل من دون « من » فدعوى عدم جواز « هو أولى » و « هما أوليان » باطلة.
بل إن خصوص « أولى » ورد استعماله في القرآن بلا « من » قال الله تعالى : ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ).