فقال : إن ناسا يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للناس. فقال : ألم تعلم أن الله قال : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ). والله ما ورّثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سوداء في بيضاء » (١).
ورواية السيوطي هذا الخبر في سبب نزول آية التبليغ في يوم غدير خم في كتاب ( الدر المنثور ) معتبرة من وجوه :
الأول : إن سياق كلام السيوطي ظاهر في أنه يرى أن هذا القول هو الحق من بين الأقوال في هذا المقام ، لأنه لم ينقل قولا آخر يخالفه في الدلالة ، أما قول الحسن فلا ينافي القول بنزولها يوم الغدير في فضل علي عليهالسلام ، لأنه روى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الله تعالى بعثه برسالة فضاق صلّى الله عليه وسلّم بها ذرعا ... فأنزلت الآية ... فلم يبيّن في هذه الرواية حقيقة تلك الرسالة ، فلا تأبى الحمل على أنها كانت حول الامامة والخلافة ، ونصب أمير المؤمنين عليهالسلام لها ، بل إن قوله صلّى الله عليه وسلّم : « فضقت بها ذرعا وعرفت الناس مكذبي » يؤيد هذا الحمل ويؤكّده.
وكذا الأمر بالنسبة إلى ما ذكره مجاهد ، وإلى الخبرين عن ابن عباس ، فإن هذه الأخبار أيضا لا تنافي خبر نزول الآية الكريمة في واقعة يوم غدير خم بوجه من الوجوه.
الثاني : إن كلام السيوطي في خطبة كتابه ( الدر المنثور ) صريح في أن الآثار المذكورة فيه في ذيل الآيات مستخرجة من الكتب المعتبرة ، وهذا نص عبارته : « الحمد لله الذي أحيا بمن شاء مآثر الآثار بعد الدثور ، ووفق لتفسير كتابه العزيز بما وصل إلينا بالاسناد العالي من الخبر المأثور ، وأشهد أن لا اله إلاّ الله وحده لا
__________________
(١) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ٢ / ٢٩٨.