وإذ قد عرفت اعتبار حديث نزول الآية : ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ) في حق الحارث بن النعمان في واقعة غدير خم ، وثبت بطلان دعوى ابن تيمية بطلان الحديث المذكور وكذبه ، نشرع في الجواب عن شبهات هذا المتعصب العنيد حول هذا الحديث ودفعها بايجاز :
فأوّل ما قاله ابن تيمية هو إنه : « أجمع الناس على أن ما قاله النبي بغدير خم كان حين مرجعه من حجة الوداع ... والنبي بعد ذلك لم يرجع إلى مكة ، بل رجع من حجة الوداع إلى المدينة ... وفي هذا الحديث يذكر أنه قال هذا بغدير خم وشاع في البلاد ، وجاء الحارث وهو بالأبطح والأبطح بمكة ، فهذا كذب جاهل لم يعلم متى كانت قصة غدير خم ».
وهذا كلام من لم يعلم معنى « الأبطح » فظنّ أنه بمكة فقط ، ولا يقال لغيرها أبطح ، وهذا باطل جدّا ، فليس المراد من الأبطح في هذا الحديث أبطح مكة ، ولا أن الأبطح منحصر بأبطح مكة. بل قال الجوهري : « الأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، والجمع الأباطح والبطاح أيضا على غير القياس. قال الأصمعي : يقال بطاح وبطح كما يقال عوام وعوم حكاه أبو عبيدة ، والبطيحة والبطحاء مثل الأبطح ، ومنه بطحاء مكة » (١).
وقال أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي : « البطحاء مسيل ماء فيه رمل وحصى ، ومنها بطحاء مكة : ويقال له الأبطح أيضا ، وهو من الأبطح النبط » (٢).
__________________
(١) الصحاح : بطح.
(٢) المغرب في ترتيب المعرب : بطح.