إيقاظ :
اعلم أنّه إذا كان الجامع بين الأفراد الصحيحة غير معقول فما هو المؤثّر في النهي عن الفحشاء والمنكر ، ليتمّ معنى الآية الشريفة (إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) ؟
ويمكن الجواب عنه بأنّ الآية وحديث كيفية تأثير (الصلاة) في الانتهاء عن الفحشاء من ناحيتين :
الاولى : أنّ ماهيّة الصلاة وتأثيرها في النهي والانتهاء عنهما ـ أي عن الفحشاء والمنكر ـ ليستا ناظرتين إلى مسمّى الصلاة ، بل هما ناظرتان إلى لوازم الأجزاء والشرائط ، مأخوذة فيها من حيث الكمّية والكيفية بتلك الكيفية ومشتملة على عروج المؤمن برعايتها في مسير أرقى معاني العبودية والرقّية التي لا يبقى مجال لارتكاب الفحشاء والمنكرات مع مراعاتهما ؛ ولأجل ذلك تكفّ النفس عن كثير من المنكرات وتنصرف عنها. وهذه الرعاية تؤثّر في تهيئة النفس واستعدادها لمدارج التقوى في القرب إليه تعالى والبعد عن المعاصي والفحشاء والمنكرات ، وبذلك المعنى ينتقل الذهن من قوله عليهالسلام : (الصلاة معراج المؤمن) و (قربان كلّ تقيّ) ، من التنازع والتضادّ الذي يتّفق بين كلّ جزء من أجزائها وشرائطها لارتكاب المنكرات الخاصّة.
بيان ذلك : أنّ المصلّي الحاضر في جنب الله تعالى في مقام الإطاعة ، ويعلم أنّه تعالى إنّما يتقبّل من المتّقين ، مع توجّه إلى وجود المبدأ والمعاد عند قراءة قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ينوجد في وجدانه التفات إلى أنّ لهذه العوالم مبدعا وخالقا هو ربّهم في جميع النشآت ، وأنّه ليس إلّا الرحمن الرحيم. وإذا قرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يتذكّر أنّه تعالى يسأله ويعاقبه عمّا ارتكب من