يتفق أخذ عدم العلم في موضوع دليل الحجية ، كما لو بني على ثبوت حجية الخبر بقوله تعالى (فسئلوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون)(١) ، فهل يقال بأنّ الخبر يكون أصلا حينئذ؟
الرابع : ما حقّقناه في الجزء السابق من أن الأصل العملي حكم ظاهري لوحظت فيه أهميّة المحتمل عند التزاحم بين الملاكات الواقعية في مقام الحفظ التشريعي عند الاختلاط والاشتباه ، بينما لوحظت في أدلة الحجيّة الأهميّة الناشئة من قوّة الاحتمال محضا (٢).
__________________
موضوعا أو محمولا ، وإذا كان موضوع كلا الدليلين هو الشكّ فانّ عدم ذكره في لسان الدليل لا يقدّم ولا يؤخّر بعد معرفتنا بكونه داخلا في الموضوع ، فاذا تساويا من هذه الناحية ولم يتصرّف أحدهما في الآخر فلا حكومة.
(ووجه وجود الحكومة) هو أنّ عدم وجود الشك في لسان دليل حجية الامارة ـ كما في صحيحة أبي حامد أحمد بن ابراهيم المراغي ... عن صاحب الأمر (عج) «... فانّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما روى عنّا ثقاتنا ...» ـ يكشف لنا بالكشف الإنّي ان خبر الثقة ليس مجرّد أصل عملي يفيدنا وظيفة عملية ، بل هو أقوى من ذلك ، فهو ـ بدعم معونات أخرى ـ طريق وعلم تعبّدي حتّى وإن كان بلفظة اتّبع خبر الثقة ، وبالتالي فاذا وجد العلم التعبّدي فانه يلغي تعبدا موضوع الحكم الظاهري المجعول في ظرف الشكّ والذي لسانه لسان إعطاء وظيفة عملية ، وهذه هي الحكومة
(١) النحل : ٤٣
(٢) بيّنا في الجزء الأوّل أنّ مراد السيد الشهيد (قده) من قوّة الاحتمال هو أغلبية مصادفة الامارات للواقع ، وهذا يلازم أغلبيّة مصادفة لوازمها