وقد عرفنا سابقا أنّ هذه النكتة تفي بتفسير ما تتميّز به الامارة عن
__________________
العقلية للواقع (لأنّ بين المفاد اللفظي للامارة واللوازم العقلية ارتباط عقلي) ، فاذا جعل الشارع الامارة حجّة يفهم العقلاء جعلها حجّة بكلّ آثارها ، لأنّ العقلاء يرون كاشفية الامارة عن مدلولها اللفظي ولوازمها العقلية بقوّة واحدة وبنحو واحد ، وبهذا تثبت حجية الآثار الشرعية المترتبة على لوازم الامارة العقلية. راجع إن شئت ما ذكره السيد الشهيد (قده) في أوائل الجزء الخامس من تقريرات السيد الهاشمي ص ١٢.
هذا وسيأتيك ـ إن شاء الله تعالى ـ في بحث" الاستصحاب أصل أو امارة" مزيد تحقيق للفرق بين الأصل والامارة (*)
__________________
(*) الصحيح عندنا انّ الامارة هي ما تكون دالّة بنفسها أوّلا ـ وبغضّ النظر عن اعتبار الشارع لها علما ـ بمدلوليها المطابقي والالتزامي على المعنى المراد وتدّعي الحكاية عن الواقع بما يشمل ذلك الحكاية عن اللوازم ، فعند ما يعتبرها الشارع علما فهو في هذه الحالة يعتبر المدلولين علما وذلك كخبر الثقة ، فانّ الثقة حينما يقول «قطع زيد نصفين» يعني ذلك كمدلول التزامي عادي أنّه قد مات ، وهكذا يفهم الناس ، فعند ما يجعل الشارع المقدّس هذه الامارة حجّة يجعلها على ما نقيد عرفا.
وهذا البيان لا يتم في الاصول العملية كالاستصحاب ، فانه وان نزّل الاحتمال فيه منزلة اليقين إلّا أنّ المرحلة الأولى فيه (وهي أن يدّعي احتمال البقاء إصابة الواقع) غير موجودة ، ويترتب على ذلك إمكان أن يتعبّدنا الشارع المقدّس بالمدلول المطابقي دون الالتزامي ، لأنّ دائرة التعبد تتحدّد بمقدار نظر الشارع المقدّس ، فان علمت حدود دائرة نظره المبارك كما في خبر الثقة فبها وإلّا فيؤخذ بالقدر المتيقّن كما في الاستصحاب ، ومن هنا سرّى إن شاء الله في مسألة «مقدار ما يثبت الاستصحاب» من بحث الاستصحاب أنّنا لا نقول بحجيّة الآثار الشرعية المترتّبة على اللوازم العقلية للمستصحب حتّى وإن كانت الواسطة