تخريجات وجوب الموافقة القطعية
إذا اتضحت لديك هذه المباني المختلفة فاعلم انّه قد ربط استتباع العلم الاجمالي لوجوب الموافقة القطعية إثباتا ونفيا بهذه المباني ، بدعوى انّه إذا قيل بالمبنى الثاني ـ مثلا ـ فالعلم الاجمالي لا يخرج عن موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان المزعومة سوى الجامع ، لانّه المعلوم فقط ، والجامع بحدّه لا يقتضي الجمع بين الاطراف ، بل يكفي في موافقته تطبيقه على احد افراده ، وإذا قيل بالمبنى الثالث مثلا فالعلم الاجمالي يخرج الواقع المعلوم بتمام حدوده عن موضوع البراءة العقلية ، ويكون [الفرد الواقعي الضائع] منجّزا بالعلم ، وحيث انه محتمل في كل طرف فيحكم العقل بوجوب الموافقة القطعية للخروج عن عهدة التكليف المنجّز.
ولكن الصحيح هو انّ المبنى الثالث لا يختلف في النتيجة المقصودة في المقام عن المبنى الثاني ، لأنّ الصورة العلمية الاجمالية ـ على الثالث ـ وإن كانت مطابقة للواقع بحدّه ، ولكن المفروض على هذا المبنى اندماج عنصري الوضوح والاجمال في تلك الصورة معا (١) ، وبذلك تميّزت عن
__________________
(١) يقول سيدنا الشهيد رحمهالله بأنّه بناء على المبنى الثالث يكون المعلوم هو ان احدهما ـ أي مقدار الجامع ـ معلوم النجاسة وانّ إحدى الصلاتين معلومة الوجوب ، والمجهول هو تحديد النجس الواقعي والصلاة الواجبة ، فيتنجّز على المكلّف مقدار الوضوح فقط ـ وهو الجامع ـ.