«ويل للناس من القبقبين».
فقيل : وما هما يا رسول الله؟ قال : «الحلق والفرج».
قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [سورة الأنبياء ، الآية ٣٠].
إنّ الماء مادة الحياة ، وإذا حصل للإنسان عطش ، تراجعت قواه وخفّت حركته ونشاطه وقدرته ورغبته للطعام ، ولا يتم الغذاء إلّا بوجود الماء. يفضّل الماء البارد ، خاصّة إذا خالطه عسل أو زبيب أو تمر ، وهذا كان أحبّ الشراب للرسول ، أما الماء الفاتر فينفخ المعدة ، والماء البائت أنفع ، والماء الذي في آنية فخارية يرشح ألذّ من الذي لا يرشح.
نهى الرسول أن يشرب الماء اغترافا باليد ، أو كرعه ونحن على بطوننا كالذي يشرب من النهر ، وفي ذلك قال : «لا بلغ أحدكم كما يلغ الكلب».
وكان من هديه أن يشرب الماء والإنسان جالس ، ونهى عن الشرب وقوفا حيث لا يحصل الري التام ، ولا يستقر في المعدة.
كما أوصى الرسول أن يتنفس الشارب أثناء تناوله الماء ، وفي ذلك قال :
«إنّه أروى وأمرأ وأبرأ» (إنّ تردّد أنفاس الشارب في القدح يكسبه رائحة كريهة).
أي أن يتنفّس خارج القدح ثم يعود إلى الشراب ، وفي ذلك قال :
«إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في القدح ، ولكن : ليبن الإناء عن فيه».
وفي هذا القول حكم وفوائد مهمة للإنسان ، فإنّه أسلم للمعدة ، وأفضل من تناوله دفعة واحدة مما يؤذي المعدة والكبد ، خاصّة في شدّة الحرّ ، ومن أضرار شرب الماء دفعة واحدة ، الخوف من إنسداد مجرى الشراب ، فيغص به ، فإذا تنفس رويدا ثم شرب ، أمن من ذلك ، ومن المعروف أن ورود الماء دفعة واحدة إلى المعدة يؤثّر على الكبد ويؤلمها ويضعف حرارتها.
ومن قوله :