كلما طمح إلى حسم أمر يستحقّ ذروة التفكير ، وكان أبقراط أبو الطب اليوناني (٤٦٠ ـ ٣٧٠ ق. م.) يصف للمريض الصوم وهو في أحرج مراحل المرض ، وكان يقول :
«في داخل كل منّا طبيب ، وما علينا إلّا أن نساعده حتى يؤدي عمله».
وأوصى الطبيب الروماني الشهير جالينوس (القرن الثاني للميلاد) بالصوم كعلاج لكل حالات الحزن وفقد الحب وفرط التوتر.
وكان الشيخ الرئيس ابن سينا (٩٨٠ م ـ ١٠٣٧ م) يفضّل الصوم على الدواء وفي ذلك قال :
«إنّه الدواء الأرخص» ووصفه للغني والفقير.
إنّ الصوم الطبي ، والذي تناقلت مشعله كل تلك الأيدي (والقائمة تطول كثيرا) إلّا الشكل الأقرب إلى الصوم لدى المسلمين ، إنّه الامتناع التام عن كل طعام وشراب ما عدا الماء.
إنّ الامتناع عن بعض الأطعمة هو ما يعرف بالحمية ، وهي ليست من الصوم الطبي الذي نعنيه هنا.
يؤكد علماء وظائف الأعضاء ، بأنّ الصوم التام عن كل طعام وشراب ما عدا الماء أمر ممكن ، وأنّه باستطاعة الإنسان البقاء دون طعام مدّة أربعة وسبعين يوما شرط أن يتناول ما يكفيه من الماء.
إنّ فترة الصوم العلاجي تختلف من مريض إلى آخر ، ففي عملية الصوم الطبي ـ العلاجي ـ يلجأ الجسم إلى زيادة نشاط عملية طرح وتخليص الجسم من الفضلات والسموم خاصّة من الأنسجة المريضة ، ويعتمد الجسم في تغذية نفسه ممّا يخزنه من سكريات ودهنيات ، ويقال طبيا إنّ القلب يرتاح في حالة الصوم وتنخفض ضرباته.
إنّ أهم عملية في الصوم الطبي هو تخلص الجسم من الفضلات والسموم ، حيث تنظف القناة الهضمية تماما من جراثيمها خاصّة الأمعاء الغليظة ، وبذلك