سربه ظاهرا ، والسرب بفتح السين وسكون الراء الطريق ، قال القتيبي : سارب بالنهار أي متصرف في حوائجه.
قال ابن عباس : هو صاحب ريبة مستخف بالليل فإذا خرج بالنهار أرى الناس أنه بريء من الإثم ، وقيل : مستخف بالليل أي ظاهر من قولهم خفيت الشيء إذا أظهرته وأخفيته إذا كتمته ، وسارب بالنهار أي متوار داخل في سرب.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ) ، أي : لله تعالى ملائكة يتعاقبون فيكم (١) بالليل والنهار فإذا صعدت ملائكة الليل جاء في عقبها ملائكة النهار ، وإذا صعدت ملائكة النهار جاء في عقبها ملائكة الليل ، والتعقيب : العود بعد البدء وإنما ذكر بلفظ التأنيث لأن واحدها معقب ، وجمعه معقبة ثم جمع الجمع معقبات كما قيل : أبناوات سعد ورجالات بكر.
[١١٨٩] أخبرنا أبو الحسن السرخسي أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي أنا أبو مصعب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون».
قوله تعالى : (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) ، يعني : من قدام هذا المستخفي بالليل والسارب بالنهار ومن خلفه من وراء ظهره ، (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) ، يعني : بأمر الله ، أي : يحفظونه بإذن الله ما لم يجئ القدر ، فإذا جاء القدر خلوا عنه. وقيل : يحفظونه من أمر الله أي : مما أمر الله به من الحفظ عنه.
قال مجاهد : ما من عبد إلا وله ملك موكل به يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام ، فما منهم شيء يأتيه يريده إلا قال وراءك إلا شيء يأذن الله فيه فيصيبه.
قال كعب الأحبار : لو لا أن الله عزوجل وكّل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن. وقال عكرمة : الآية في الأمراء وحرسهم يحفظونهم من بين أيديهم ومن خلفهم. وقيل : الآية في الملكين القاعدين عن اليمين وعن الشمال يكتبان الحسنات والسيئات ، كما قال الله تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧) [ق : ١٧] ، وقال ابن جريج : معنى يحفظونه أي يحفظون عليه من أمر الله يعني الحسنات والسيئات. وقيل : الهاء في (له) راجعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
روى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال : له معقبات يعني لمحمد صلىاللهعليهوسلم حراس من الرحمن
__________________
[١١٨٩] ـ إسناده صحيح ، رجاله رجال البخاري ومسلم ، أبو مصعب هو أحمد بن أبي بكر ، أبو الزناد عبد الله بن ذكوان ، الأعرج ، عبد الرحمن بن هرمز.
ـ وهو في «شرح السنة» ٣٨١ بهذا الإسناد.
ـ رواه المصنف من طريق مالك وهو في «الموطأ» ١ / ١٧٠ عن أبي الزناد به.
ـ ومن طريق مالك أخرجه البخاري ٥٥٥ و ٧٤٢٩ و ٧٤٨٦ ومسلم ٦٣٢ والنسائي ١ / ٢٤٠ وأحمد ٢ / ٤٨٦ وابن حبان ١٧٣٩.
ـ وأخرجه البخاري ٣٢٢٣ من طريق شعيب عن أبي الزناد به.
ـ وأخرجه مسلم ٦٣٢ وأحمد ٢ / ٣١٢ وابن حبان ١٧٣٦ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة به.
(١) زيد في المطبوع و ـ ط.