تفسير سورة الحج
مكية [غير آيات من قوله](١)
(هذانِ خَصْمانِ)(٢) [إلى قوله (وَهُدُوا إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ)](٣)
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢))
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) ، أي : احذروا عقابه بطاعته ، (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) ، والزلزلة والزّلزال شدة الحركة على الحالة الهائلة ، واختلفوا في هذه الزلزلة فقال علقمة والشعبي : هي من أشراط الساعة. وقيل : قيام الساعة. وقال الحسن والسدي : هذه الزلزلة تكون يوم القيامة. وقال ابن عباس : زلزلة الساعة قيامها فتكون معها.
(يَوْمَ تَرَوْنَها) ، يعني الساعة ، وقيل : الزلزلة ، (تَذْهَلُ) قال ابن عباس : تشغل ، وقيل : تنسى ، يقال : ذهلت عن كذا إذا تركته واشتغلت بغيره عنه. (كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) ، أي : كل امرأة معها ولد ترضعه ، يقال : امرأة مرضع بلا هاء إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل ، فإذا أرادوا الفعل أدخلوا الهاء. (وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) ، أي : تسقط ولدها من هول ذلك اليوم ، قال الحسن : تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام ، وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تكون في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حمل. ومن قال : تكون في القيامة قال هذا على وجه تعظيم الأمر لا على حقيقته كقولهم أصابنا أمر يشيب منه الوليد يريد به شدته. (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى) ، قرأ حمزة والكسائي (سكرى وما هم بسكرى) بلا ألف وهما لغتان في جمع السكران مثل كسلى وكسالى ، قال الحسن : معناه وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب. وقيل : معناه وترى الناس كأنهم سكارى ، (وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ).
__________________
(١) في المطبوع وحده «إلّا (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ) الآيتين أو إلا».
(٢) في المطبوع «الست آيات فمدنيات».
(٣) زيد في المطبوع وحده «وهي أربع أو خمس أو ست أو سبع أو ثمان وسبعون آية»؟! وهذا من صنع النساخ بلا ريب وإنما هي (٧٨) آية.