(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ) ، أي : على محمد صلىاللهعليهوسلم (آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) ، أي : علامة وحجة على نبوته ، قال الله تعالى : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) ، مخوّف ، (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) ، أي : لكل قوم نبي يدعوهم إلى الله تعالى ، وقال الكلبي : داع يدعوهم إلى الحق أو إلى الضلالة. وقال عكرمة : الهادي محمد صلىاللهعليهوسلم يقول : (١) أنت منذر وأنت هاد لكل قوم أي داع ، وقال سعيد بن جبير : الهادي هو الله تعالى.
(اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ (٨) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (٩) سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))
قوله تعالى : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) ، من ذكر أو أنثى سوي الخلق أو ناقص الخلق واحدا أو اثنين أو أكثر (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ) ، أي ما تنقص (وَما تَزْدادُ).
قال أهل التفسير : غيض الأرحام الحيض على الحمل ، فإذا حاضت الحامل كان نقصانا في الولد لأن دم الحيض غذاء الولد في الرحم فإذا أهرقت الدم ينقص الغذاء فينتقص الولد ، وإذا لم تحض يزداد الولد ويتم ، فالنقصان نقصان خلقة الولد بخروج الدم والزيادة تمام خلقته باستمساك الدم.
وقيل : إذا حاضت ينتقص الغذاء وتزداد مدة الحمل حتى تستكمل تسعة أشهر طاهرا فإن رأت (٢) خمسة أيام دما وضعت لتسعة أشهر وخمسة أيام فالنقصان في الغذاء والزيادة في المدة. وقال الحسن : غيضها نقصانها من تسعة أشهر والزيادة زيادتها على تسعة أشهر.
وقيل : النقصان السقط والزيادة تمام الخلق ، وأقل مدة الحمل ستة أشهر ، فقد يولد المولود لهذه المدة ويعيش.
واختلفوا في أكثرها فقال قوم : أكثرها سنتان وهو قول عائشة رضي الله عنها ، وبه قال أبو حنيفة رحمهالله ، وذهب جماعة إلى أن أكثرها أربع سنين وإليه ذهب الشافعي رحمهالله. قال حماد بن سلمة : إنما سمي هرم بن حيان هرما لأنه بقي في بطن أمه أربع سنين (٣) ، (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) ، أي : بتقدير واحد لا يجاوزه ولا يقصر عنه.
(عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ) ، الذي كل شيء دونه ، (الْمُتَعالِ) ، المستعلي على كل شيء بقدرته.
قوله تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ) ، أي : يستوي في علم الله المسرّ بالقول والجاهر به ، (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) ، أي : مستتر بظلمة الليل ، (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) ، أي : ذاهب في
__________________
(١) زيد في المطبوع و ـ ط «إنما».
(٢) كذا في المطبوع و ـ «ط» وفي المخطوط «زادت».
(٣) هذه الأقوال جميعا لا مستند لها البتة ، وإنما هي القصص والحكايات ، والصواب أن أكثر الحمل تسعة أشهر وربما زاد أياما فإن زاد أكثر من ذلك أصبحت الأم وجنينها في حالة خطر ، فإن زاد فوق ذلك أياما ربما أدى إلى هلاك الجنين أو الجنين وأمه معا ، فهذا هو الحق ، وهو ما عليه الطب في أيامنا ، وما أخذ به أبو حنيفة أو الشافعي أو غيرهما فإنما يكون أخذه عن امرأة أخبرته بذلك أو رجل أعلمه به ، وكل ذلك لا يصح ، فكما كذب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيضا يكذب على غيره ، فتنبه ، والله أعلم.