أدعك حتى تحشر من أفواج شتى أما والله لئن أظفرني الله بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك» ، فأنزل الله تعالى : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا) الآية.
(وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) ، أي : ولئن عفوتم لهو خير للعافين فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بل نصبر» وأمسك عما أراد وكفّر عن يمينه.
قال ابن عباس والضحاك : كان هذا قبل نزول براءة حين أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقتال من قاتله ومنع من الابتداء بالقتال ، فلما أعز [الله](١) الإسلام وأهله نزلت براءة ، وأمروا بالجهاد ونسخت هذه الآية ، وقال النخعي والثوري (٢) ومجاهد وابن سيرين : الآية محكمة نزلت في من ظلم بظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظالم منه أمر بالجزاء والعفو ومنع من الاعتداء ، ثم قال لنبيه صلىاللهعليهوسلم :
(وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ) ، أي : بمعونة الله وتوفيقه ، (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) ، في إعراضهم عنك ، (وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) ، أي : فيما فعلوا من الأفاعيل ، قرأ ابن كثير هاهنا وفي النمل [٧٠] «ضيق» بكسر الضاد وقرأ الآخرون بفتح الضاد ، قال أهل الكوفة : هما لغتان مثل رطل ورطل ، وقال أبو عمرو : الضيق بالفتح الغم ، وبالكسر الشدة.
وقال أبو عبيدة : الضيق بالكسر في قلة المعاش وفي المساكن ، فأما ما كان في القلب والصدر فإنه بالفتح. وقال ابن قتيبة : الضيق تخفيف ضيق مثل هين وهين ، ولين ولين ، فعلى هذا هو صفة كأنه قال : ولا تك (٣) في أمر ضيق من مكرهم.
(إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا) ، المناهي ، (وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) بالعون والنصرة [والله تعالى أعلم](٤).
تفسير سورة الإسراء
مكية وهي مائة وإحدى عشرة آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١))
(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) ، سبحان الله تنزه (٥) الله تعالى من كل سوء ووصفه (٦) بالبراءة من
__________________
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) في المخطوط «السدي».
(٣) في المطبوع «تكن».
(٤) زيادة عن المخطوط.
(٥) في ـ ط «تنزيه».
(٦) في المطبوع «ووصف».