من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ، يعني من شر الجن وطوارق الليل والنهار.
وقال عبد الرحمن بن زيد : نزلت هذه الآيات في عامر بن الطفيل وأريد بن ربيعة :
[١١٩٠] وكانت قصتهما على ما روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقبل عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وهما عامريان يريدان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في المسجد في نفر من أصحابه ، فدخلا المسجد فاستشرف الناس لجمال عامر وكان أعور وكان من أجمل (١) الناس ، فقال رجل : يا رسول الله : هذا عامر بن الطفيل قد أقبل نحوك ، فقال : «دعه فإن يرد الله به خيرا يهده» (٢) فأقبل حتى قام عليه ، فقال : يا محمد ما لي إن أسلمت؟ قال : «لك ما للمسلمين وعليك ما على المسلمين» ، قال : تجعل لي الأمر بعدك ، قال : «ليس ذلك إليّ إنما ذلك إلى الله عزوجل يجعله حيث يشاء» ، قال : فتجعلني على الوبر وأنت على المدر ، قال : لا ، قال : فما ذا تجعل لي؟ قال : «أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها» ، قال : أو ليس ذلك لي اليوم ، قم معي أكلمك ، فقام معه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان عامر أوصى إلى أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدار من خلفه فاضربه بالسيف ، فجعل يخاصم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويراجعه فدار أربد [من](٣) خلف النبي صلىاللهعليهوسلم ليضربه بالسيف فاخترط من سيفه شبرا ثم حبسه الله عنه فلم يقدر على سلّه وجعل عامر يومئ إليه فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرأى أربد وما يصنع (٤) بسيفه [في علاجه](٥) ، فقال : «اللهم اكفنيهما بما شئت» ، فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم صحو قائظ فأحرقته وولى عامر هاربا وقال : يا محمد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلا جردا وفتيانا مردا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يمنعك الله تعالى من ذلك ، وابنا قيلة يريد الأوس والخزرج» ، فنزل عامر بيت امرأة سلولية فلما أصبح ضم عليه سلاحه وقد تغير لونه فجعل يركض في الصحراء ، ويقول : أبرز يا ملك الموت ، ويقول الشعر ويقول واللات لئن أبصرت (٦) محمدا وصاحبه يعني ملك الموت لأنفذنهما برمحي ، فأرسل الله ملكا فلطمه بجناحه فأداره (٧) في التراب وخرجت على ركبتيه في الوقت غدة عظيمة ، فعاد إلى بيت السلولية [وهو يقول : غدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية](٨) ، ثم دعا بفرسه فركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره فأجاب الله دعاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقتل عامر بالطعن وأربد بالصاعقة ، وأنزل الله عزوجل في هذه القصة قوله : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠) لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) ، يعني لرسول الله صلىاللهعليهوسلم معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من أمر الله ، يعني تلك المعقبات من أمر الله ، وفيه تقديم وتأخير ، وقال لهذين : (إِنَّ
__________________
[١١٩٠] ـ ذكره المصنف عن الكلبي تعليقا هاهنا وإسناده إليه أول الكتاب. والكلبي ساقط منهم.
ـ وورد من وجه آخر عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أخرجه أبو نعيم في «الدلائل» ١٥٧ والطبراني في «الكبير» ١٠٧٦٠ و «الطوال» ٣٧ وفي إسناده عبد العزيز بن عمران وابنا زيد بن أسلم ، وكلهم ضعيف.
ذكره الهيثمي في «المجمع» ٧ / ٤٢ ونسبه للطبراني في «الكبير» و «الأوسط» وقال : وفي إسنادهما عبد العزيز بن عمران ، وهو ضعيف.
(١) كذا في المخطوطتين ، وفي المطبوع و ـ ط «أجلّ» وكلاهما محتمل ، فالمثبت وجهه أنه في غاية الجمال مع كونه أعور ، ووجه الوارد في المطبوع ، أنه من أعظم الناس إما في الهيئة والجثة ، أو في مكانته بين الناس ، والله تعالى أعلم.
(٢) تصحف في المطبوع «بهذه».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) في المطبوع و ـ ط «صنع».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «أصحر».
(٧) في المطبوع و ـ ط «فأرداه».
(٨) زيادة عن المطبوع و ـ ط.