فروضكم مثل هلال شهر رمضان والفطر ووقت الحج إذا التبس ذلك عليكم وسع ذلك (١) عليكم حتى تتيقنوا. وقال مقاتل : يعني الرخص عند الضرورات كقصر الصلاة في السفر والتيمم عند فقد الماء وأكل الميتة عند الضرورة والإفطار بالسفر وبالمرض والصلاة قاعدا عند العجز عن القيام. وهو قول الكلبي ، وروي عن ابن عباس أنه قال : الحرج ما كان على بني إسرائيل من الإصر (٢) التي كانت عليهم وضعها الله عن هذه الأمة. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) ، يعني كلمة أبيكم نصب بنزع حرف الصفة وقيل : نصب على الإغراء ، يعني اتبعوا ملّة أبيكم إبراهيم ، وإنما أمرنا باتباع ملة إبراهيم لأنها داخلة في ملة محمد صلىاللهعليهوسلم فإن قيل : ما وجه قوله : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ) وليس كل المسلمين يرجع نسبه (٣) إلى إبراهيم؟ قيل : خاطب به العرب وهم كانوا من نسل إبراهيم. وقيل : خاطب به جميع المسلمين وإبراهيم أب لهم على معنى وجوب احترامه وحفظ حقه كما يجب احترام الأب ، وهو كقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦].
[١٤٧٢] وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّما أنا لكم مثل الوالد» ، (هُوَ سَمَّاكُمُ) ، يعني أن الله تعالى سماكم (الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ) ، يعني من قبل نزول القرآن في الكتب المتقدمة. (وَفِي هذا) يعني : في الكتاب ، هذا قول أكثر المفسرين. وقال ابن زيد هو يرجع إلى إبراهيم [أي إن إبراهيم هو](٤) سماكم المسلمين في أيامه ، من قبل هذا الوقت وفي هذا الوقت ، وهو قوله : (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) [البقرة : ٢١٨] ، (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ) ، يوم القيامة أن قد بلغكم ، (وَتَكُونُوا) ، أنتم ، (شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) ، أن رسلهم قد بلغتهم ، (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ) ، ثقوا بالله وتوكلوا عليه. قال الحسن : تمسكوا بدين الله. وروي عن ابن عباس قال : سلوا ربكم أن يعصمكم من كل ما يكره. وقيل : معناه ادعوه ليثبتكم على دينه. وقيل : الاعتصام بالله هو التمسك بالكتاب والسنة ، (هُوَ مَوْلاكُمْ) ، وليكم وناصركم وحافظكم ، (فَنِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) ، الناصر لكم.
تفسير سورة المؤمنون
مكية وهي مائة وثماني عشرة آية
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢))
__________________
[١٤٧٢] ـ صحيح. أخرجه أبو داود (٨) والنسائي ١ / ٣٨ وابن ماجه ٣١٢ وأحمد ٢ / ٢٥٠ والدارمي ١ / ١٧٢ و ١٧٣ وابن حبان ١٤٣١ وأبو عوانة ١ / ٢٠٠ والطحاوي في «المعاني» ١ / ١٢٣ و ٤ / ٢٣٣ والبيهقي في «السنن» ١ / ١١٢ من طرق عن ابن
(١) في المطبوع «الله».
(٢) في المطبوع «الأعمال».
(٣) في المطبوع «نسبهم».
(٤) زيادة عن المخطوط.