تَشْكُرُونَ (١٢) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣))
قوله عزوجل : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) ، أي آدم ، (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) ، يعني نسله ، (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) ، ذكرانا وإناثا ، (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) ، لا يطول عمره ، (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) ، يعني من عمر آخر ، كما يقال لفلان عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر ، (إِلَّا فِي كِتابٍ) ، وقيل قوله ولا ينقص من عمره منصرف إلى الأول.
قال سعيد بن جبير : مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا وكذا سنة ثم يكتب أسفل من ذلك ذهب يوم ذهب يومان ذهب ثلاثة أيام حتى ينقطع عمره.
وقال كعب الأحبار حين حضر عمر رضي الله عنه الوفاة : والله لو دعا عمر ربه أن يؤخر أجله لأخر ، فقيل له إن الله عزوجل يقول : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [النحل : ٦١] فقال : هذا إذا أحضر الأجل فأما قبل ذلك فيجوز أن يزاد وينقص ، وقرأ هذه الآية (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) ، أي كتابة الآجال والأعمار (١) على الله هين.
قوله تعالى : (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) ، يعني العذب والمالح ثم ذكرهما فقال ، (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) ، طيب ، (سائِغٌ شَرابُهُ) ، أي جائز في الحلق هنيء ، (وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) ، شديد الملوحة. وقال الضحاك : هو المر. (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) ، يعني الحيتان من العذب والمالح جميعا ، (وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً) ، أي من المالح دون العذب (تَلْبَسُونَها) ، يعني اللؤلؤ. وقيل : نسب اللؤلؤ إليهما [لأنه يكون في البحر الأجاج](٢) ، عيون عذبة تمتزج بالملح فيكون اللؤلؤ من [بين](٣) ذلك ، (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) ، جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة ، (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) ، بالتجارة ، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ، الله على نعمه.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) ، يعني الأصنام ، (ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) ، وهو لفافة النواة ، وهي القشرة الرقيقة التي تكون على النواة.
(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩))
(إِنْ تَدْعُوهُمْ) ، يعني إن تدعوا الأصنام ، (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) ، ما
__________________
(١) في المخطوط «والأعمال».
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) سقط من المطبوع.