(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) أي يقبل الله الكلم الطيب. قوله : (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ، أي يرفع العمل الصالح الكلام الطيب ، فالهاء في قوله (يَرْفَعُهُ) راجعة إلى الكلم الطيب ، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة وأكثر المفسرين. وقال الحسن وقتادة : الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه ، فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه ردّ كلامه على عمله ، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال ، فمن قال حسنا وعمل غير صالح ردّ الله عليه قوله ، ومن قال حسنا وعمل صالحا يرفعه العمل ذلك بأن الله يقول : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).
[١٧٦٩] وجاء في الحديث : «لا يقبل الله قولا إلا بعمل ولا قولا ولا عملا إلّا بنية».
وقال قوم : الهاء في قوله (يَرْفَعُهُ) راجعة إلى العمل الصالح أي الكلم الطيب يرفع العمل الصالح فلا يقبل عمل إلا أن يكون صادرا عن التوحيد ، وهذا معنى قول الكلبي ومقاتل : وقيل : الرفع من صفة الله عزوجل معناه : العمل الصالح يرفعه الله عزوجل. وقال سفيان بن عيينة العمل الصالح [هو](١) الخالص يعني أن الإخلاص سبب قبول الخيرات من الأقوال والأفعال ، دليله قوله عزوجل : (فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [الكهف : ١١٠] ، فجعل نقيض الصالح الشرك والرياء ، (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) ، قال الكلبي : أي الذين يعملون السيئات. وقال مقاتل : يعني الشرك. وقال أبو العالية : يعني الذين مكروا برسول الله صلىاللهعليهوسلم في دار الندوة ، كما قال الله تعالى : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) [الأنفال : ٣٠] ، وقال مجاهد وشهر بن حوشب : هم أصحاب الرياء ، (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ) ، يبطل ويهلك في الآخرة.
(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١١) وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ
__________________
ـ قال الحافظ في «تخريج الكشاف» ٣ / ٦٠٣ : أخرجه الثعلبي وابن مردويه من رواية علي بن عاصم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا ، سكت عليه الحافظ؟!.
وهذا إسناد ضعيف ، لأجل علي بن عاصم ، وفيه سهيل بن أبي صالح غير قوي.
ـ وانظر «الكشاف» ٩٢١ بتخريجي.
[١٧٦٩] ـ باطل. أخرجه ابن حبان في «الضعفاء» ١ / ٢٨٠ وابن عدي في «الكامل» ٣ / ٤٤ من حديث أبي هريرة بأتم منه ، وصدره : «قرآن في صلاة خير ....».
ـ وفي إسناده خالد بن عبد الدائم ، وهو ضعيف ، وعنه زكريا بن يحيى الوقار ، وهو متروك كذاب.
ـ وقال ابن حبان : خالد يروي عن نافع بن يزيد المناكير التي لا تشبه حديث الثقات ا ه.
ـ قلت : ينبغي أن يعله بزكريا فإنه أسوأ حالا من خالد.
ـ وأخرجه ابن حبان ١ / ١٥٠ من حديث ابن مسعود ، وفي إسناده أحمد بن الحسن بن أبان المصري ، وهو كذاب.
ـ الخلاصة : هو حديث باطل لا أصل له عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنما هو من كلام بعض السلف.
(١) زيادة عن المخطوط.