وحسن (لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) أي قبيح (١) عمله ، (فَرَآهُ حَسَناً) ، زين له الشيطان ذلك بالوسواس ، وفي الآية حذف مجازه : أفمن زيّن له سوءا عمله فرأى الباطل حقا كمن هداه الله فرأى الحق حقا والباطل باطلا ، (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ، وقيل : جوابه تحت قوله : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ) ، فيكون معناه أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة ، أي تتحسر عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.
وقال الحسين (٢) بن الفضل : فيه تقديم وتأخير مجازه : أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر ، ومعنى الآية : لا تهتم بكفرهم وهلاكهم إن لم يؤمنوا ، وقرأ أبو جعفر فلا تذهب بضم التاء وكسر الهاء نفسك نصب ، (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ).
(وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) (٩) من القبور.
قوله عزوجل : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) ، قال الفراء معنى الآية من كان يريد أن يعلم لمن العزة فلله العزة جميعا ، وقال قتادة : من كان يريد العزة فليتعزز بطاعة الله معناه الدعاء إلى طاعة من له العزة ، أي فليطلب العزة من عند الله بطاعته ، كما يقال : من كان يريد المال لفلان ، أي فليطلبه من عنده وذلك أن الكفار عبدوا الأصنام وطلبوا بها التعزز كما قال الله : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا) [مريم : ٨١] ، وقال : (الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) [النساء : ١٣٩] (إِلَيْهِ) ، أي إلى الله ، (يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) ، وهو قوله لا إله إلا الله ، وقيل : هو قول الرجل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
[١٧٦٨] أخبرنا عبد الواحد [بن أحمد](٣) المليحي أنا أبو منصور السمعاني أنا أبو جعفر الرياني أنا حميد بن زنجويه أنا الحجاج بن نصر أنا المسعودي عن عبد الله بن المخارق عن أبيه عن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم حديثا أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله عزوجل : ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه حتى صعد بهن فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيي بها وجه رب العالمين ، ومصداق ذلك من كتاب الله عزوجل قوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) ، ذكره ابن مسعود. وقيل : الكلم الطيب ذكر الله. وعن قتادة :
__________________
[١٧٦٨] ـ ورد موقوفا ومرفوعا ، وكلاهما ضعيف.
ـ إسناده ضعيف ، فيه المسعودي ، وهو صدوق لكن اختلط.
وشيخه وثقه ابن حبان على قاعدته.
ـ مخارق والد عبد الله هو ابن سليم.
ـ وأخرجه الحاكم ٢ / ٤٢٥ والطبري ٢٨٩٣٧ من طريق عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم! ووافقه الذهبي! ، وليس كما قالا ، وورد مرفوعا.
(١) في المخطوط «قبح».
(٢) في المطبوع «الحسن».
(٣) زيادة عن المخطوط.