وهذا هو الأولى والأليق بحال الأنبياء وهو مطابق للتلاوة لأن الله علم أنه يبدي ويظهر ما أخفاه ولم يظهر غير تزويجها منه فقال : (زَوَّجْناكَها) فلو كان الذي أضمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم محبتها أو إرادة طلاقها [لكان](١) أظهر ذلك لأنه لا يجوز أن يخبر أن يظهره ثم يكتمه فلا يظهره ، فدل على أنه إنّما عوتب على إخفاء ما أعلمه الله أنها ستكون زوجة له وإنما أخفاه استحياء أن يقول لزيد [إن](٢) التي تحتك وفي نكاحك ستكون زوجتي ، وهذا قول الحسن مرضي (٣) ، وإن كان القول الآخر وهو أنه أخفى محبتها ونكاحها لو طلقها لا يقدح في حال الأنبياء لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه في مثل هذه الأشياء ما لم يقصد فيه المآثم ، لأن الود وميل النفس من طبع البشر. وقوله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ) ، أمر بالمعروف وهو خشية (٤) لا إثم فيه ، قوله تعالى : (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ، لم يرد به أنه لم يكن يخشى الله فيما سبق.
[١٧١٦] فإنه عليهالسلام قد قال : «أنا أخشاكم لله وأتقاكم [له](٥)» ، ولكنه لما (٦) ذكر الخشية من الناس ذكر أن الله تعالى أحق بالخشية في عموم الأحوال وفي جميع الأشياء. قوله عزوجل : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) ، أي حاجة من نكاحها ، (زَوَّجْناكَها) ، وذكر قضاء الوطر ليعلم أن زوجة المتبنى تحل بعد الدخول بها.
[١٧١٧] قال أنس : كانت زينب تفخر على أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فتقول : زوجكنّ أهاليكنّ وزوّجني الله من فوق سبع سماوات.
[١٧١٨] وقال الشعبي : كانت زينب تقول للنبي صلىاللهعليهوسلم : إني لأدل عليك بثلاث : ما من نسائك امرأة تدلي بهنّ : جدي وجدك واحد ، وإني أنكحنيك الله في السماء ، وإن السفير لجبريل عليهالسلام.
[١٧١٩] أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر أنا عبد الغافر (٧) محمد أنا محمد بن عيسى الجلودي أنا
__________________
[١٧١٦] ـ تقدم في تفسير سورة النمل عند آية : ١٠ خرّجه الشيخان.
[١٧١٧] ـ صحيح. أخرجه البخاري ٧٤٢١ والنسائي في «التفسير» ٤٣١ والواحدي في «الوسيط» ٣ / ٤٧٣ من حديث أنس.
[١٧١٨] ـ أخرجه الطبري ٢٨٥٢٦ والحاكم ٤ / ٢٥ عن الشعبي مرسلا ، والمرسل من قسم الضعيف ، وللفقرة الثانية منه شواهد كثيرة.
[١٧١٩] ـ إسناده صحيح على شرط مسلم.
ـ بهز هو ابن أسد ، ثابت هو ابن أسلم البناني.
ـ وهو في «صحيح مسلم» ١٤٢٨ عن محمد بن حاتم بهذا الإسناد.
ـ وأخرجه مسلم ١٤٢٨ وأحمد ٣ / ١٩٥ ـ ١٩٦ و ٢٤٦ والنسائي ٦ / ٧٩ وأبو يعلى ٣٣٣٢ والبغوي في «شرح السنة» ٢٢٤١ من طرق عن سليمان بن المغيرة.
ـ وأخرجه البخاري ٥١٦٦ وأحمد ٣ / ١٦٨ والبيهقي ٧ / ٨٧ من طريقين عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن أنس.
ـ وأخرجه البخاري ٢٧٩١ و ٦٢٣٩ ومسلم ١٤٢٨ ح ٩٢ والبيهقي ٧ / ٨٧ من طرق عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن ـ
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) تصحف في المطبوع «مرض».
(٤) في المطبوع «حسن».
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «كما».
(٧) تصحف في المطبوع «الغفار».